أن المخلوق له ذات ويوصف بالحياة والقدرة والإرادة والكلام، ومع هذا لا يلزم من إثبات ذلك لله تعالى إثبات للتجسيم والتكييف تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً.
ومعلوم أن هذه الصفات في حق المخلوق إما جواهر، وإما أعراض. وأما في حقه تبارك وتعالى، فلا يعلمها إلا هو بلا تفسير ولا تكييف) [1].
ويقول الشيخ عبد الله- أيضا-:
(وقوله وأثبت لله صفة وهي الفوقية المستلزمة للتجسيم كذب ظاهر؛ لأن إثبات الفوقية لا يلزم منه ذلك عند من قال به، والله سبحانه وتعالى أعلم من خلقه بما يجوز عليه وما يمتنع عليه، ولكن هذا شأن أهل البدع والضلال، يردون ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من عند الله بهذه الأمور القبيحة ... ) [2].
ويقول الشيخ أحمد بن مشرف الإحسائي، أحد شعراء هذه الدعوة، ردا على فرية التشبيه، ودحضاً لهؤلاء المعطلة الذين عطلوا صفات الله..، فيقول ابن مشرف في قصيدة "الشهب المرمية على المعطلة والجهمية":
نفيتم صفات الله فالله أكمل ... وسبحانه عما يقول المعطل
زعمتم بأن الله ليس بمستو ... على عرشه والاستوا ليس يجهل
فقد جاء في الأخبار في غير موضع ... بلفظ استوى لا غير متأوّل
وقد جاء في إثباته عن نبينا ... من الخبر المأثور ما ليس يشكل3
ويفصل الشيخ سليمان بن سحمان- أثناء رده على فرية التجسيم- المراد من إطلاق لفظ "الجسم" على الله سبحانه وتعالى، ويبين ما يجوز من هذه المعاني، وما لا يجوز فيقول رحمه الله:
(الجواب أن نقول اعلم أن لفظ الجسم لم ينطق به الوحي إثباتا فيكون له الإثبات، ولا نفيا فيكون له النفي، فمن أطلقه نفيا وإثباتا، سئل عما أراد به، فإن قال أردت بالجسم معناه في لغة العرب وهو البدن الكثيف الذي لا يسمى في اللغة جسم سواه، فلا للهواء جسم لغة.. فهذا المعنى منفي عن الله سبحانه عقلا وسمعا، وإن أردتم به المركب من المادة والصورة والمركب من الجواهر المفردة، فهذا منفي عن الله سبحانه قطعا، وإن أردتم بالجسم ما يوصف بالصفات، ويرى بالأبصار ويتكلم ويكلم،
1 "مجموعة الرسائل والمسائل" (جواب أهل السنة في نقض كلام الشيعة والزيدية) 4/118. [2] المرجع السابق 4/101.
3 "ديوان ابن مشرف"، ص17.