رجله فيها فتقول قط " [1][2] وغير ذلك مما لا يحصره هذا القرطاس. على ما تحملون هذه الآيات وهذه الأحاديث في الصفات؟ فكان من جوابهم أن قالوا:
(الحمد لله رب العالمين، قولنا فيها: ما قال الله ورسوله، وما جمع عليه سلف الأمة وأئمتها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن اتبعهم بإحسان، وهو الإقرار بذلك، والإيمان من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، كما قال الإمام مالك لما سئل عن قوله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [3] كيف استوى؟ فأطرق الإمام مالك، وعلته الرحضاء- يعني العرق-، وانتظر القوم ما يجيء منه، فرفع رأسه إليه، وقال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة، وأحسبك رجل سوء، وأمر به فأخرج، ومن أول الاستواء بالاستيلاء فقد أجاب بغير ما أجاب به مالك، وسلك غير سبيله، وهذا الجواب من مالك في الاستواء شاف كاف في جميع الصفات مثل النزول والمجيء واليد والوجه وغيرها فيقال في النزول النزول معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وهكذا يقال في سائر الصفات الواردة في الكتاب والسنة ... إلى آخر جوابهم رحمهم الله) [4]. وللشيخ حمد بن ناصر بن معمر رسالة نفيسة تضمنت بيانا شافيا وكافيا لعقيدة السلف الصالح في الأسماء والصفات[5] وحشد النصوص والبراهين الدالة على [1] صحيح البخاري: كتاب تفسير القرآن (4850) . [2] رواه البخاري ومسلم. [3] سورة طه آية: 5.
4 "الدرر السنية" 3/185. [5] بمناسبة ورود هذه الرسالة للشيخ حمد بن ناصر بن معمر، فقد لاحظت أن بعض الكتّاب يخلطون فينسبون بعض مؤلفات الشيخ حمد بن ناصر بن معمر النجدي إلى الشيخ محمد بن ناصر الحازمي اليمني، مع أن الأول توفي سنة 1225هـ، بينما الآخر توفي سنة 1283هـ، ومن هذا اللبس أن صديق بن حسن القنوجي ذكر في كتابه "أبجد العلوم" (3/2000) ، أن للشيخ محمد بن ناصر الحازمي رسالة في المشاجرة مع أهل مكة، وأخرى في إثبات الصفات، وقد أورد الزركلي في الأعلام (7/122) هاتين الرسالتين (رسالة في إثبات الصفات، ورسالة في مشاجرة بين أهل مكة وأهل نجد) ونسبهما إلى الحازمي، وذكر أنهما موجودتان في خزانة الرباط (30ك) ، فحرصت -عندئذ- في الحصول عليهما، فلما حصلت عليهما- من المكتبة الكتانية بخزانة الرباط- لاحظت أن "رسالة في إثبات الصفات" هي بعينها رسالة الشيخ حمد بن معمر في الصفات، وهي موجودة في "الدرر السنية" (3/207-262) ، ولكنها غير موجودة في "مجموعة الرسائل والمسائل النجدية"، خاصة وأنه يذكر قوله: (شيخنا محمد بن عبد الوهاب) ومن المعلوم أن الشيخ حمد بن معمر من تلاميذ الشيخ الإمام، ووجدت هذا المخطوط قد طبع- قديماً- في الهند منسوبا إلى الحازمي، ووجدت منه نسخة للشيخ سليمان الصنيع- وهي موجودة في مكتبة جامعة الملك سعود- وقد صحح الصنيع ذلك، فنسبها إلى ابن معمر بدلا من الحازمي. كما أن هذه الرسالة وجدتها مخطوطة في مكتبة الشيخ عبد العزيز بن صالح بن مرشد بعنوان معتقد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ونسب تأليفها إلى الشيخ حمد بن ناصر بن معمر، وأما الرسالة الأخرى، وهي رسالة المشاجرة- كما سميت-، فإنها نفس رسالة الشيخ حمد بن ناصر بن معمر، المسماة بـ "الفواكه العذاب في الرد على من لم يحكم السنة والكتاب"، وهي مناظرة الشيخ حمد مع علماء مكة سنة 1211هـ، فقد وهم عمر كحالة في "معجم المؤلفين" (12/72) حين نسب رسالة الفواكه العذاب إلى الحازمي، والله أعلم.