الإنسان، تقرب له البعيد، وتيسر له العسير، ولا عجب فقد وصل سببه برب الأسباب، وألقى عبئه على أقدس جناب:
{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [1].
أليس في هذه الأدلة والشواهد ما يكفي المُعرِض عن الله، أو البعيد عن حماه؛ لكي يرجع ويرتدع، ويتوب ويثوب ويشاهد نور ربه في كل مكان، ويراقب جلاله في كل زمان، ويطيل التفكير فيما أراده "المسلم" الحكيم حين قال: الحق ليس بمحجوب عنك، إنما المحجوب أنت عن النظر إليه؛ إذ لو حجبه شيء لستره ما حجبه، ولو كان له ساتر لكان لوجوده حاصر، وكل حاصر لشيء فهو له قاهر، وهو القاهر فوق عباده، بل ويهتف من الأعماق كما هتف الواصل الأول يناجي ربه قائلا:
ذكرتك لا أني نستك لمحة ... وأيسر ما في الذكر ذكر لساني
يا أتباع محمد عليه السلام..
حقيقة إن الفكرة الإسلامية قد حوربت بأيدي أعدائها، بل وتطاول على جلالها بعض الطاغين الذين يعدون أنفسهم من المسلمين، فهتكوا حرمة القرآن، ونكلوا بأشبال الإيمان، وتجرءوا على حمى الرحمن، وهتكوا حرمات كانت بالأمس عزيزة مصونة، وارتكبوا في تنكيلهم بالمجاهدين في سبيل الله الناشئين في طاعة الله، مآتم ومظالم تضج من هولها أرجاء السماء، وقد زلزل كثير من الناس أمام هذا التنكيل الطاغي زلزالا شديدًا، وظنوا بالله الظنونا، ولكن الثابتين على العهد، الصادقين في الوعد، يؤمنون بأن الإسلام [1] الطلاق: 3.