فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- يجر رداءه حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال:
"اللهم اسقنا غيثا مغيثا، مريئا مريعا [1]، سحا سجالا [2]، غدقا [3]، طبقا [4]، ديما دررا [5]، تحيي به الأرض، وتنبت به الزرع، وتدر به الضرع، واجعله سقيا نافعة، عاجلا غير رائب" [6].
فو الله ما رد الرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وآله يديه إلى نحره, حتى ألقت السماء أرواقها[7]، وجاء الناس يضجون: الغرق الغرق يا رسول الله، فقال: "اللهم حوالينا ولا علينا"، فانجاب[8] السحاب عن المدينة، حتى استصدار حولها كالإكليل، فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت نواجذه[9].
"شرح ابن أبي الحديد م[3] ص 316". [1] المريع: الخصيب، أي تخصب به الأرض التي ينزل عليها. [2] أي متداولا بين البلاد، ينال كل منها نصيبه منه، والسجل بالفتح: النصيب والدلو المملوءة العظيمة، ويقال: الحرب سجال؛ أي نصرتها بين القوم متداولة سجل منها على هؤلاء وآخر على هؤلاء. [3] الغدق: الماء الكثير. [4] أي مالئًا للأرض مغطيا لها، يقال غيث طبق: أي عام واسع يطبق الأرض. [5] هو جمع درة بالكسر، يقال للسحاب درة: أي صب واندفاق، وقيل الدرر: الدار، كقوله تعالى: {دِينًا قِيَمًا} أي قائما. [6] أي غير بطئ. [7] ألقت السحابة أرواقها: أي مطرها ووبلها. [8] انكشف. [9] نواجذه: أقصى الأضراس.