نام کتاب : الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم نویسنده : الميداني، عبد الرحمن حبنكة جلد : 1 صفحه : 120
الإنساني بسرعة عجيبة حتى أدركها الركود حقبة من الدهر؛ إذ خلف في المسلمين خلوف أضاعوا ما يجب عليهم من متابعة الفتح في الميادين الحضارية، وأهملوا ما فرض الله عليهم من متابعة مد هذه الحضارة الإسلامية مدًّا أفقيًّا، حتى يصيب خيرها الناس جميعًا، ويضيء نورها كل مظلمة من الأرض، واتبعوا لشهوات، وقطعوا ما بينهم وبين أسهم الحضارية من أسباب، وانشغلوا بالقشور عن اللباب، وأخلدوا إلى الأرض، وعصوا الله فيما وصلوا إليه من نعمة باذخة.
وطالت مدة الركود، وانصرفت الهمة إلى المحافظة على المظاهر التي وصلوا إليها، ترميم المتداعيات من أبنيتهم الحضارية، وسد الثغور، ثم بعد ذلك الركود الطويل أخذ ذلك المد العظيم ينحسر من جوانبه، كيف لا ينحسر؟ وقد سد الخلوف على أنفسهم المنابع الثرة الصافية التي كانت سبب تقدمهم الباهر في ميادين الفتح كلها، المادية والمعنوية فلما فعلوا ذلك عدت عليهم عاديات الخطوب، وطمع بهم المتخلفون، واتجهت ضدهم أمواج الهمج من الشرق والغرب، تحطم وتدمر أبنيتهم الحضارية، العلمية والخلقية والاجتماعية والمادية.
ولولا أن أسس هذه الحضارة الفكرية والنفسية كانت منذ نشأتها أسسًا راسخة عميقة في النفس الإنسانية عمق الروح فيها، ما بقي لهذه الحضارة آثار تشهد لها بسابق مجدها العظيم، وذلك لكثرة ما تعرضت له من عوامل هدم خارجية وداخلية.
رابعًا: عوامل الهدم الداخلية التي مُني بها المسلمون
وإذا كان المسلمون يتحدثون دائمًا عن عوامل الهدم الخارجية التي سببت لهم ما وصلوا إليه من تخلف وضعف في القرون الأخيرة، فإن عوامل الهدم الخارجية ما كان لها أن تظفر لو استمر المسلمون آخذين بأسس حضارتهم الإسلامية كما أخذ بها المسلمون الأولون، ولكانوا فوتوا على أعدائهم كل فرصة يمكن أن ينتهزوها لضرب المسلمين.
نام کتاب : الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم نویسنده : الميداني، عبد الرحمن حبنكة جلد : 1 صفحه : 120