responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 904
وإذا كان هذا موقفهم مما يسر الله للإنسان استخراجه من البحر وهو الموقف الذي يرتضيه العقل ويطمئن إليه العدل، فكيف يكون الموقف من دعوى ملكية الأرض ملكية رقبة في حين أن الأرض ليست في حجمها وفي محتواها شيئًا يمكن للإنسان فردًا أو مجموعًا أن يحوزه حيازة كاملة وأن ينتفع به كله وبكل ما فيه انتفاعًا كاملا؟
وما قيل في هذه الآية عن دلالة اللام في (لكم) يقال في غيرها مثل قوله سبحانه وتعالى في سورة إبراهيم: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} [1] وما من أحد يستطيع أن يدعي أن الإنسان يملك الأنهار أو يملك الليل والنهار وإن ملكية "انتفاع" أو "منفعة " , وقصارى ما يمكن استجلاؤه من هاتين الآيتين الكريمتين ومن آيتي سورة الجاثية السابقتين إباحة الانتفاع للإنسان بما يستطيع الانتفاع به من هذه المخلوقات إباحة امتنان من الله سبحانه وتعالى على عباده ودلالته على عظيم قدرته وجليل نعمته. وقد تكون هذه الآيات الأربع صالحة للاستدلال على أن الأصل في الأشياء الإباحة إذا أخذت على ظاهرها، بيد أننا نرى أنها صالحة للاستدلال على أن الله أباح الانتفاع بما في الأرض والبحر والسماوات والأنهار وما شاكلها مما يستطيع الإنسان الانتفاع به من مخلوقاته انتفاعًا لا يخرج عن دائرة الشرع، ودلالة هذه الآيات على الإباحة تقتضي أن المخلوقات قبل إباحة الانتفاع بها للإنسان كانت غير منضبط التصرف فيها بحكم شرعي فهي على الوقوف حتى جاء الشرع الكريم فبين إباحة ما أبيح وعين ما خرج من نطاق الإباحة إلى حكم آخر من أحكامه من الانتفاع بتلك المخلوقات.
10 - التكييف السني لعلاقة الإنسان بالأرض
وإذا انتقلنا إلى السنة النبوية ابتغاء ما ورد فيها قولًا وفعلًا من بيان للتكييف الشرعي للعلاقة بين الإنسان والأرض، ثم للعلاقة بينه وبين ما يحصل ويكتسبه من منافع مما في الأرض كان أبرز ما يجب الوقوف عنده واستلهامه من النصوص السنية حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في كراء الأرض عامة وفي المزارعة والمساقاة خاصة، وفي هذا الشأن وردت نصوص قولية وفعلية اضطرب في تأويل بعضها فقهاء الحديث قبل فقهاء الرأي وخاصة أتباع المذاهب من مجتهدين ومقلدين، لذلك نؤثر أن نقف عند كل حديث من الأحاديث الواردة في الاستدلال في هذا المجال , فنستقصي روايته ونتقصى رواته ونجتلي ظروفه وظروف رواته ورواياته لنستبين إن كان فيه اضطراب أو بين نصوصه تعارض، كما يذهب جمهور فقهاء الحديث وفقهاء الرأي، ونستعين في استجلاء ذلك بما ورد من آثار كبار الصحابة وفقهائهم من اجتهادات وتصرفات مما يتصل بموضوع هذه الأحاديث مباشرة أو بالاستنباط.

[1] الآيتان رقم: (32) و (33) .
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 904
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست