responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 903
وقد يقال: إن "الملك" وما في معناه من مشتقاته يدخل في مدلول "الاستمتاع" وهذا صحيح، بيد أن "الاستمتاع" لا ينصرف إلى بعض مدلولاته دون بعض إلا بقرينة، وإذا لم توجد القرينة يظل "عاما" في انتظار ما يخصصه و"مطلقًا" في انتظار ما يقيده إذا أريد له "التخصيص" أو "التقييد". وجميع القرائن تدل على أنه غير مخصص ولا مقيد إلا بما جاء الشرع بإيجابه أو الندب إليه أو تحريمه أو كراهته. وسنتبين أثناء مسارنا هذا ما إذا كان الشرع قد جاء بحكم من هذه الأحكام فيما يتصل بالملك.
ونواصل وقفتنا عند قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ} [الجاثية: 13] . وأجمع ما وقفنا عليه وأدقه في تفسير هذه الآية عند أئمة التأويل ما قاله محمد الطاهر ابن عاشور [1] من أن: " {مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} عام مخصوص بما تحصل للناس فائدة من وجوده: كالشمس للضياء، والمطر للشراب، أو من بعض أحواله: الكواكب للاهتداء بها في ظلمات البر والبحر، والشجر للاستظلال، والأنعام للركوب والحرث ونحو ذلك. وأما ما في السماوات والأرض مما لا يفيد الناس فغير مراد، مثل الملائكة في السماء والأهوية المنحبسة في باطن الأرض التي يأتي منها الزلزال" (2)
قلت: وهذه الآية دليل حاسم داحض لكل دعوى مخالفة على أن اللام للاختصاص في قوله: (لكم) ، ذلك بأن الآية السابقة لها [3] وبدونها لا يستقيم معنى الآيتين جاء فيها {اللَّهُ الَّذِي سخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} . وما من أحد يستطيع أن يزعم بأن لام (لكم) في هذه الآية تعني الملك أو ما يشتق منه. لأن هذا الزعم يقتضي بالضرورة أن الإنسان يملك البحر وأنه أيضًا يملك السماء وما فيها أو {مَا فِي السَّمَاوَاتِ} على الأقل. وما من أحد يستطيع أن يدعي ملكية الإنسان للبحر أو للملائكة ولا حتى للطير وهي تطير في طبقات من الهواء تعتبر جغرافيا من طبقات الكوكب الأرضي لأنها خاضعة لجاذبيته، بل إن الخلاف حاد شهير في جواز بيع السمك في البحر قبل أن يكون واقعا في شبكة الصائد بالرغم من أن بيعًا من هذا القبيل إنما يعني في حقيقته "التزام" من البائع للمشتري بتقديم نوع معين من السمك في وقت محدد وهو التزام يقوم على أغلب شروط العقد الصحيح كما يعينها الشرع والقانون، ومدار هذا الاختلاف، هو أن اعتبار ما في البحر ليس ملكًا للإنسان وأن الالتزام الذي يقوم عليه بيع السمك قبل اصطياده يعتمد على تصرف الملتزم في شيء لم يكن قد دخل في ملكه فأصبح قادرًا فعلًا على التصرف فيه.

[1] التحرير والتنوير. ج: 25. ص: 337.
(2) وانظر أيضًا تفسير الطبري. المجلد: 9. ج: 25. ص: 87. وتفسير الرازي. المجلد: 14. ج: 27. ص: 263. وتفسير ابن كثير. ج: 4. ص:148. والدر المنثور.
[3] الجاثية: 12.
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 903
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست