responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 476
الشيخ محمد عبد اللطيف الفرفور:
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ومن والاه.
فيما يبدو أنه لا فائدة في الاسترسال؛ فإن الأمر قد اتضح والوسط أم الكتاب وهو الجادة، فإذا كان الأصل في قبض الزكاة وصرفها هو بيت المال ثم ترك بعد ذلك في زمن الخليفة الراشد سيدنا عثمان إلى الأفراد حصرا، ولم يوجد في التاريخ الإسلامي سابقا ولا لاحقا من ألزم الناس بدفع زكاتهم أو أباح لهم إلى صناديق، فإما أن نرجع إلى الأصل وهو بيت المال إذا كان منتظما كما قرر الفقهاء، وإما أن نعود إلى السنة الراشدة التي قام بها سيدنا عثمان، وهو ترك الأمر إلى الأفراد، أما أن نأتي بأمر جديد مستحدث ونخرجه على الأصل دون رجوع إلى دليل، ودون ما رجوع إلى هذا الصندوق بالذات، ومعرفة ما فيه، فهذا فيما أرى فيه تزيد عن الحقيقة وما قاله الإخوة الأفاضل في سبيل الله. فالذي يظهر لي أن في سبيل الله الأصل فيها المجاهدون، ولكن توسع بعض الفقهاء ومنهم الحنفية فقالوا: إنه يشمل أيضا طلاب العلم الفقراء. فما قاله الفقهاء الأقدمون فيه غنية، ولا يجوز أن نسحب الموضوع، لاسيما في هذه الظروف التي يمر بها العالم الإسلامي على كل شيء فنسميه في سبيل الله. فالأصل في الزكاة كما قالوا: التمليك، فمن يملك ومن يتملك، مع هذا لا أمنع من هذا الأمر منعا مطلقا، بل أرى أن تكون لجنة بإشراف الأمانة العامة والرئاسة الرشيدة لفهم موضوع هذا الصندوق على ما هو عليه في الحقيقة. ما هو هذا الصندوق؟ أنا لا أفهم منه إلا أنه صندوق منظم تنظيما حديثا، عليه موظفون يجمعون هذه الأموال من هنا وهناك، ومن أي مورد استطاعوا ليصرفوها في مصارف أخرى. فلا نحن على يقين من الموارد، ولا على يقين من المصارف. ولا ندري أيضا من المستفيد من هذا كله. فالزكاة تمليك كما هو معلوم لديكم كل ما جاء به القرآن الكريم بلفظ (آتوا) تمليك، والتمليك يجب أن يكون في يد الفقير أو وكيل الفقير، فمن هو وكيل الفقير؟ هل نحن أوصلنا هذا المال إلى الفقير أو إلى وكيله حتى نملك، حتى إن الإباحة ليست بتمليك كما هو معروف إلا عند بعض المذاهب الأخرى الشاذة. على كل، هذا الصندوق في حالته الراهنة لا يحتاج في نظري إلى أموال الزكاة التي يجب فيها التحوط؛ لأن التحوط في باب العبادات الأولى. لذلك قدم قول الإمام أبي حنيفة على قول أصحابه في العبادات، ما لم ينص على الفتيا في قول أصحابه، أما إذا أطلقوا ولم يقولوا: يفتي به فالقول المقدم هو قول الإمام؛ لأنه أورع من أصحابه؛ أي: أشد ورعا مع اشتراكهم في الورع، وهو دائما يتحوط رضي الله تعالى عنه وعن جميع الفقهاء الأئمة المجتهدين.
لدينا بديل عن قضية الزكاة. أيها الإخوة قرر الفقهاء الحنفية في بحث السياسة الشرعية كما هو معلوم لديكم أيها الإخوة العلماء أنه لولي الأمر إذا رأى حاجة على مصلحة عامة، ولم يكن هنالك مورد آخر مشروع أن يفرض في أموال الأغنياء شيئا يقوم بهذه المصلحة العامة بالمعروف. فإذا رأى أن البلد تحتاج إلى جسور أو تحتاج إلى طائرات أو تحتاج إلى جيوش أو تحتاج إلى مصلحة عامة، فيفرض في أموال الأغنياء أموالا خاصة بهذا الموضوع تقوم به ضمن حدود الشريعة وبالمعروف وباستشارة العلماء والفقهاء.
فلماذا نحن نأتي إلى هذا الركن التعبدي، وهو الزكاة، الذي يجب التحوط فيه؛ لأنه عبادة يجب على المسلم أن يتحوط بها حتى تصل إلى مصرفها الصحيح بحسب اجتهاده وتحريه، لا أن نجازف في الموضوع ونفتي بآراء تدفعنا إليها غيرتنا على الإسلام، فالغيرة على الإسلام شيء معظم ومقدس ومعتبر، ولكن الرأي والفقه والاجتهاد يجب أن يكون مناطه دائما العلة، لا الحكمة، المظنة لا المئنة. والله تعالى أعلم.

نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 476
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست