نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 4 صفحه : 1352
على أنه إذا اختلف من يرجع إليهم لابتغاء حكم الشريعة في مشورتهم له وكان قادرًا على استيعاب الأدلة التي أوضحها له كل فريق من المختلفين وعلى الوعي بالمقاصد التي يرمى إليها كل دليل وعلى التمييز والترجيح المجردين من الهوى ومن التأثر بكل نزعة أو جدلية خارجة عن نطاق الشريعة الإسلامية بين الأدلة المعروضة عليه من المختلفين وما يرمي إليه كل دليل من مناط وعلى اكتشاف الدليل والوجه والمناط والأنسب لما وقر في رأيه عند تقدير الحادث أو الحال موضوع الاجتهاد كان عليه أن يتحمل تبعته أمام الله وأن يعتمد على ما رجح لديه ووقر في نفسه أنه الحق والعدل تطبيقًا لقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [1] .
فليس ولي الأمر عندنا - والله أعلم - ملزمًا بما يسمى اليوم "رأي الأغلبية" وإنما هو ملزم بما يترجح عنده - إذا لم يتأكد فكيف إذا تأكد - أنه الحق والعدل لأن الذي يمارس أمور الناس قد يعرف من خفاياها وقد يستطيع أن يكتنه من سرائرها ويدرك من ملابساتها ويستشرف من معقباتها ما لا يستطيعه غيره ممن يشهدون تلك الأمور من بعيد أو من قريب دون أن يمارسوها بأنفسهم مما يبلغ خبرة بها أو بالبعض منها. فالخبرة النظرية وحدها لا تكفي لاستكناه السرائر وإدراك الملابسات واستشراف المعقبات وهذا في ما نفهم - والله أعلم - بعض السر في أن الله سبحانه وتعالى لم يأمر نبيه عليه الصلاة والسلام وتبعًا منه ولي أمر المسلمين من بعده أن يلتزم باتباع مشورة من يستشيرهم وهو ما يدل عليه قوله سبحانه وتعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ} ومعناه - والله أعلم بأسرار كتابه العزيز - إذا تأكد لديك أو ترجح رأي أو حكم بعدما أشار عليك من استشرت وليس ضروريا أن يكون هو نفس ما أشار به عليك فتوكل على الله فالعزم هنا هو الشعور الذي ينتج عن التأكد والرجحان إذ أن المسؤول الأول والأخير هو ولي الأمر وهو إذا اجتهد بعد أن أحسن التقدير واستشار المؤهلين للمشورة من ذوي الاختصاص في الأمر المجتهد فيه شرعًا أو موضوعًا مأجور أجرًا مضاعفًا إن أصاب وأجرًا واحدًا إن أخطأ ما لم يكن للهوى أو لأي مؤثر غير الاعتبارات الشرعية ومقتضيات المصلحة العامة تأثير في اجتهاده. [1] الآية: (159) سورة آل عمران.
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 4 صفحه : 1352