responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 1315
"وكانت الأسواق تكون في موضعه بين يديه , فكانت غوغاؤهم تمنع سعدًا. الحديث. فلما بني - يعني قصر سعد - ادعى الناس عليه ما لم يقل , وقالوا: قال سعد: سكن عني الصويت. وبلغ عمر ذلك , وأن الناس يسمونه قصر سعد , فدعا محمد بن مسلمة فسرحه إلى الكوفة , وقال: اعمد إلى القصر حتى تحرق بابه , ثم ارجع عودك على بدئك , فخرج حتى قدم الكوفة , فاشترى حطبًا , ثم أتى به القصر , فأحرق الباب , وأتي سعد , فأخبر الخبر , فقال: هذا رسول أرسل لهذا الشأن , وبعث لينظر من هو , فإذا هو محمد بن مسلمة , فأرسل إليه رسولًا بأن ادخل , فخرج إليه سعد , فأراده على الدخول والنزول , فأبى , وعرض عليه نفقة , فلم يأخذ ودفع كتاب عمر إلى سعد: بلغني أنك بنيت قصرًا اتخذته حصنًا ويسمى قصر سعد , وجعلت بينك وبين الناس بابًا , فليس بقصرك , ولكنه قصر الخبال , انزل منه منزلًا مما يلي بيوت الأموال , وأغلقه , ولا تجعل على القصر بابًا تمنع الناس من دخوله وتنفيهم به عن حقوقهم ليوافقوا مجلسك ومخرجك من دارك إذا خرجت , فحلف له سعد ما قال الذي قالوا - يعني: سكن عني الصويت - ورجع محمد بن مسلمة من فوره حتى إذا دنا من المدينة فني زاده , فتبلغ بلحاء من لحاء الشجر , فقدم على عمر وقد سنق - أي: بشم - فأخبره خبره كله , فقال: فهلا قبلت من سعد. قال: لو أردت ذلك كتبت لي به أو أذنت لي فيه. فقال عمر: إن أكمل الرجال رأيًا من إذا لم يكن عهد من صاحبه , عمل بالحزم أو قال به ولم يتكل , وأخبره بيمين سعد وقوله , فصدق سعدًا , وقال: هو أصدق ممن روى عليه ومن أبلغني.
ونحسب أن هذه النماذج - وأمثالها كثير في تصرفات عمر - رضي الله عنه تدمغ كل من يحاول أن يرتاب أو يريب أو يلبس على الناس في شأن التصرف بمقتضى الإمامة اعتبارًا للمصلحة العامة.
فمنع عمر " الاحتكار " حتى في غير وقت حاجة الناس , بل لمجرد الاحتكار , سواء كان ضارا بالمستهلك بإغلاء السعر أو ضارا بالتاجر بإنقاص السعر عن المتواضع عليه في السوق تواضعًا غير احتكاري عمل من صميم التصرف بمقتضى الإمامة اعتبارًا للمصلحة العامة , سواء كانت المصلحة اقتضتها حماية التاجر أو المستهلك , فالمصلحة العامة ليست أداة حماية طبقة دون أخرى , أو صنف من الناس دون صنف , ولا هي قاعدة يتصرف الإمام اعتبارًا لها في حال دون حال , وإنما هي قاعدة ثابتة أصيلة يلتزمها الإمام في تصرفاته , وإن اضطره التزامها إلى تأويل نص أو وقف العمل به , كما فعل عمر ما هو مستفيض الشهرة عنه , ليس بحاجة إلى نقل مسند من وقفه العمل بقطع يد السارق في عام الرمادة اعتبارًا لحال الناس وما هم عليه يومئذ من الخصاصة التي تضطر البعض منهم إلى تصرفات لو طبق فيها الحكم المنصوص عليه في الكتاب أو في السنة لأوسعهم نكالًا , وإذا فقد يدفعهم إلى العصيان , وهو أشد وأسوأ عاقبة من مجرد التجاوز اضطرارًا لما حظرته النصوص وأوجبت عليه العقوبة في الأحوال العادية.

نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 1315
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست