responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 1067
ب - فلما كان عهد عمر نشأت حاجة أخرى ليس للاحتفاظ بحمى النقيع فحسب، بل بحماية مناطق أخرى، ذلك بأن إبل الصدقة تكاثرت على حين اتسع نطاق الغزو , وترامت ثغوره , وتعددت مواقع الفتوحات , وكثر المسلمون , وكانت الرغبة لديهم في الجهاد شديدة ملحة، وكان على عمر أن يستجيب لمقتضيات كل هذه العوامل، وأول ما تقتضيه الاستجابة أن يجد أماكن خاصة لرعي ما يخضع للملك العام من الدواب , وخاصة الإبل التي كانت تجلب من الصدقة , ولم يكن من الحكمة توزيعها كلها , ولا كان ذلك من المشروع أيضًا , ففي المسلمين عامة كفاية لمعاشهم بما قدر لهم جميعًا من أعطيات , وبما يقسم على الفقراء والمساكين وغير هؤلاء من المستحقين في الصدقات من أنصبتهم تبعًا لاستحقاقهم، ثم إن للصدقات مصارف أخرى , من بينها ما هو {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [1] وكل ذلك اضطر عمر إلى أن يحمي مناطق تتوفر فيها الحاجات الضرورية لصيانة دواب المسلمين وإنمائها , ومنها الربذة وما حولها.
ج - وقد يقال: إن النقيع لم يكن ملكًا لأحد , وأن القبائل التي كانت ترتاده أو يعرف بها لم تكن علاقتها به إلا الانتجاع , وهو قول لا يمكن التسليم به، بيد أننا لا نريد أن نناقشه في هذا المجال، لكن ماذا يمكن أن يقال في الربذة وما حولها؟ فهي بنص حديث عمر على اختلاف رواياته ملك لمن حاجوه في شأنها , قاتلوا عليها في الجاهلية , وأسلموا عليها في الإسلام , وهذا يعني أنها كانت مستقرًا لهم , لا يريمون عنه أو كانت خاصة بهم، يختلفون إليها لا تعتدي عليهم فيها قبيلة أخرى , فإن اعتدت قاتلوها فأجلوها. وهذا ما لم ينكره عمر , بل اعترف به , حسب ما تنقل عليه جميع الروايات , ولكنه علل تصرفه بأنه اضطراري لتلبية حاجة إبل الصدقة التي يحمل عليها في سبيل الله، فعمله يمكن أن نطلق عليه التجنيد المالي أو الاستنفار المالي، وأنه في - بعض الروايات - اعتبر أن حاجة ما هو من مال الله تعلو على اعتبار حقوق الأفراد فيما يملكون، فإبل الصدقة التي حمى من أجلها هي من مال الله، والأرض التي حماها أرض الله , والعباد الذين حمى منهم والآخرون الذين حمى لهم عباد الله، وهذا يعني أنه كان يعتبر أن كل حق يزول إذا تعين حق الله , وأن حق الله مقدم على حق العبد إذا كان حق الله متصلًا بالمصلحة العامة أو بما نسميه اليوم بالحق العام , وحق العبد منحصرًا فيما هو من حقوق الأفراد أو الملكية الخاصة، وعلى هذا الاعتبار وطبقًا لهذه الروايات فإن عمر - رضي الله عنه - قد يكون في الإسلام أول من رسم معالم تشريع نزع الملكية الخاصة للمصلحة العامة، وسيتعزز هذا الاعتبار بما سنراه من تصرفه في بعض الأموال المنقولة تصرفًا يتسق معه كل الاتساق.

[1] الآية رقم: (60) من سورة التوبة.
نام کتاب : مجلة مجمع الفقه الإسلامي نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 4  صفحه : 1067
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست