responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة نویسنده : البوطي، محمد سعيد رمضان    جلد : 1  صفحه : 163
فهذه العبودية التي اتخذت مظهرها الرائع في طول دعاء النّبي صلّى الله عليه وسلم وشدة ضراعته ومناشدته لربّه أن يؤتيه النصر، هي الثمن الذي استحق به ذلك التأييد الإلهي العظيم في تلك المعركة. وقد نصّت على ذلك الآية الكريمة إذ تقول:
إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ [الأنفال [8]/ 9] . ويقينا منه صلّى الله عليه وسلم بهذه العبودية لله عزّ وجلّ، كان واثقا بالنصر مطمئنا إلى أن العاقبة للمسلمين. ثم قارن مظهر العبودية التي تجلت في موقفه صلّى الله عليه وسلم ونتائج ذلك، مع مظهر ذلك الطغيان والتّجبر الذي تجلى في موقف أبي جهل حينما قال: «لن نرجع عن بدر أبدا حتى ننحر الجزر ونطعم الطعام ونسقي الخمر وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب وبمسيرتنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا» ، وتأمل في نتائج ذلك التجبر والجبروت! ..
لقد كانت نتيجة العبودية والخضوع لله تعالى، عزة قعساء ومجدا شامخا خضع لهما جبين الدنيا بأسرها، ولقد كانت نتيجة الطغيان والجبروت الزائفين قبرا من الضيعة والهوان أقيم لأربابهما حيث كانوا سيتساقون فيه الخمر وتعزف عليهم القيان. وتلك هي سنة الله في الكون كلما تلاقت عبودية لله خالصة مع جبروت وطغيان زائفين.
7- (الإمداد بالملائكة في غزوة بدر) : انطوت بدر على معجزة من أعظم معجزات التأييد والنصر للمسلمين الصادقين. فقد أمدّ الله المسلمين فيها بملائكة يقاتلون معهم. وهذه حقيقة ثبتت بدلالة صريحة من الكتاب والسّنة الصحيحة. روى ابن هشام أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلم خفق خفقة في العريش ثم انتبه فقال: «أبشر يا أبا بكر، أتاك نصر الله هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده على النقع» ورواه البخاري أيضا بلفظ قريب منه [8] .
ومن أوضح الأدلة القاطعة على أن التعبير بالملائكة في بيان الله عزّ وجلّ ليس المقصود به ما يتوهمه بعضهم من المدد الروحي أو القوة المعنوية أو نحو ذلك- أقول من أوضح الأدلة القاطعة على بطلان هذا الوهم- ضبط البيان الإلهي الملائكة بعدد محدود وهو الألف، في قوله عزّ وجلّ:
فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ [الأنفال [8]/ 9] . إذ العدد من مستلزمات الكم المنفصل في الأشياء، ولا يكون ذلك إلّا في الأشياء المادية المحسوسة.
ومن هنا نعلم أن تقييد البيان الإلهي الملائكة بعدد معين ينطوي على حكم باهرة من أجلّها قطع السبيل على من يريد أن يتناول الآية، ويفسر الملائكة بالمعنى الذي يروق له وهو مجرد الدعم المعنوي.

[8] ولفظه في البخاري، أن النّبي صلّى الله عليه وسلم قال: هذا جبريل آخذ بزمام فرسه عليه أداة حرب. راجع صحيح البخاري: 5/ 14
نام کتاب : فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة نویسنده : البوطي، محمد سعيد رمضان    جلد : 1  صفحه : 163
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست