ولبس رسول الله صلى الله عليه وسله درعين، وخرج الجيش متجها إلى أحد، وبالقرب من موقع المعركة، ولما كان الفريقان يرى بعضهم بعضا؛ انسحب رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول بثلث الجيش، وذلك إنما هو تصفية وتنقية لجيش المسلمين قال تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} ، وقال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} .
ورأى بعض الصحابة قتال المنافقين أتباع رأس المنافقين الذين انسحبوا من الجيش قال تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} .
وهمَّ بعض المسلمين بالعودة إلى المدينة ولكن الله تولاهم فقاوموا الضعف الذي ألم بهم قال تعالى: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} .
ولما وصل جيش المسلمين ميدان المعركة: تفقد النبي صلى الله عليه وسله جيش المسلمين واستعرض صغار الصحابة الذين لا طاقة لهم بالقتال فلم يجزهم، ونظم عليه الصلاة والسلام صفوف الجيش وجعل ظهورهم إلى جبل أحد ووجوههم تستقبل المدينة، وجعل خمسين من الرماة بقيادة عبد الله بن جبير رضي الله عنهم فوق جبل عينين المقابل لجبل أحد من جهة الجنوب لحماية المسلمين من التفاف المشركين عليهم وإحاطتهم بهم، وشدد عليه الصلاة والسلام على هؤلاء الصحابة بألا يبرحوا مكانهم مهما تغيرت الظروف فقال لهم: “لا تبرحوا، إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا، وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينون” [1].
التقى الفريقان واشتد القتال بين المسلمين والمشركين، وأبدى المسلمون رغم قلة العدة والعدد بطولة فائقة حتى قتلوا من المشركين وجرحوا وتراجع [1] رواه البخاري في صحيحه، (الجامع الصحيح مع فتح الباري: 7/349) .