سائر بمعنى الجميع وهو في كلام العرب بمعنى الباقي واستدل بقصة غيلان لما أسلم على عشر نسوة وقال له صلى الله تعالى عليه وسلم أمسك أربعا وفارق سائرهن انتهى وقال ابن الصلاح ولا التفات إلى قول صاحب الصحاح سائر الناس جميعهم فإنه ممن لا يقبل ما ينفرد به وقد حكم عليه بالغلط وهذا من وجهين أحدهما تفسير ذلك بالجميع وثانيهما أنه ذكره في سر وحقه أن يذكر في سار وقال النووي وهي لغة صحيحة ذكرها غير الجوهري ولم ينفرد بها وافقه عليها الجواليقي في أول شرح أدب الكاتب إلى آخر كلام النووي في تهذيبه انتهى كلام الحلبي وتبعه الدلجي في تفسير السائر بالجميع وقال صاحب القاموس السائر الباقي لا الجميع كما توهم جماعات أو قد يستعمل فقد ضاف أعرابي قوما فأمروا الجارية بتطبيبه فقال بطني عطري وسائري ذري انتهى ولا يخفى أنه يحتمل كلام الأعرابي أن يكون السائر بمعنى الباقي بل هو المتبادر على ما هو الظاهر والتحقيق أن السائر بمعنى الباقي حقيقة وبمعنى الجميع مجازا وأنه مأخوذ من السؤر مهموزا وهو البقية الملائمة لمعنى الباقي بخلاف السور معتلا وهو سور البلد المناسب لمعنى الجميع وبهذا يرتفع الخلاف لمن ينظر بعين الانصاف ويظهر فساد ما في كلام ابن الصلاح من المناقضة ونوع من المعارضة (قالت أمّ أيمن) وهي بركة بنت محصن (حاضنته) أي مربيته ومرضعته أيضا على ما قيل وهي مولاة له صلى الله تعالى عليه وسلم حبشية اعتقها أبو النبي صلى الله تعالى عليه وسلم واسلمت قديما وابنها أيمن بن عبيد الحبشي ثم تزوجها زيد بن حارثة زارها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما واختلف في زمن وفاتها (ما رأيته صلى الله تعالى عليه وسلم اشتكى) أي بلسانه (جوعا ولا عطشا صغيرا) أي حال كونه صغيرا (ولا كبيرا) إذ كان ربه يطعمه ويسقيه بمعنى يخلق قوتهما فيه وحديثها رواه ابن سعد وأبو نعيم في الدلائل. (ومن ذلك حراسة السّماء) بكسر الحاء أي حفظها من بلوغ الجن إليها (بالشّهب) أي بالنجوم رجوما لئلا يكون لهم هجوما (وقطع رصد الشّياطين) أي ترصدهم وانتظارهم ظهور شيء إليهم ونزول خبر عليهم (ومنعهم استراق السّمع) أي بالكلية فإنهم كانوا لا يسمعون إلا القول الحق من ملائكة السماء فيلقونه إلى أوليائهم فيكذبون معه ما شاؤوا من أنبائهم فمنعوا منه بظهور نوره صلى الله تعالى عليه وسلم فلما بعث اشتد الأمر بهم وكثر الحرس عليهم كما قال تعالى حكاية عنهم وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً الآيات (وما نشأ) بالهمز أي ومن ذلك ما تربى (عليه) وجبل إليه (من بغض الأصنام) كما في حديث البيهقي عن زيد بن حارثة قال كان صنم يتمسح به المشركون إذا طافوا بالبيت فطفت به قبل البعثة فلما مررت بالصنم تمسحت به فقيل لي لاتمسه ثم طفنا فقلت في نفسي لأمسنّه حتى أنظر ما يؤول فمسحته فقال الم تنه قال زيد فو الذي أكرمه بالذي أكرمه ما التمس صنما قط (والعفّة) أي وما نشأ من النفرة (عن أمور الجاهليّة) أي معايبها. (وما خصّه الله به من ذلك) أي من الأعمال الرضية والأحوال الزكية (وحماه) أي وحفظه قبل بعثته من الصفات الرديئة والسمات الدنيئة، (حتّى في ستره) بفتح