لها دعينا نرجع به حذرا عليه من وباء مكة فما زلنا بها حتى قالت نعم (وما جرى من العجائب) وهي ما عظم وقوعه وخفي سببه (ليلة مولده صلى الله تعالى عليه وسلم) كما رواه البيهقي وابن أبي الدنيا وابن السكن عن مخزوم بن شاهين (من ارتجاج إيوان كسرى) أي اضطرابه جدا وتحركه شديدا مع إحكام بنائه من غير خلل نشأ به والإيوان بالكسر الصفة العظيمة وأصله أوان فأعل كديوان وسبق أن كسرى بكسر أوله ويفتح معرب خسرو لقب ملوك الفرس كقيصر لقب ملوك الروم وتبع لملوك اليمن والنجاشي لملوك الحبشة (وسقوط شرفاته) بضم الشين المعجمة والراء وتفتح وحكي سكونها جمع شرفة بضم فسكون وهو جمع قلة وضعت موضع كثرة لأنهن أربع عشرة ولعل الحكمة في عدولها عن الكثرة إلى القلة تحقيرا لها لخراب مآلها هذا وقد ملك منهم ملوك بعددها عشرة في أربع سنين وأربعة إلى خلافة عثمان وفتح المسلمين (وغيض بحيرة طبريّة) بفتحتين مدينة معروفة في الشام بناحية الأردن ذات حصن بينها وبين بيت المقدس نحو مرحلتين وهي من الأرض المقدسة والبحيرة مصغرة مع أنها عظيمة وغيضها نقصها هذا والمعروف أن الغائضة هي بحيرة ساوة من قرى بلاد فارس قال الحلبي اللهم إلا أن يريد عند خروج يأجوج ومأجوج فإن أوائلهم يشرب ماءها ويجيء آخرهم فيقول لقد كان بها ماء انتهى وبعده عن السياق من السباق واللحاق لا يخفى وفي نسخة صحيحة بدل طبرية ساوة والله تعالى اعلم (وخمود نار فارس) أي انطفائها وقت غيض بحيرتها فكأنها طفئت بمائها (وكان لها ألف عام لم تخمد) بفتح التاء وضم الميم وتفتح فإنه ورد من باب نصر ينصر وباب علم يعلم (وأنّه) أي النبي عليه الصلاة والسلام كما رواه ابن سعد وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه (كَانَ إِذَا أَكَلَ مَعَ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ وآله) أي وأهل بيته (وهو صغير) جملة حالية معترضة (شبعوا) بكسر الباء (ورووا) بضم الواو (وإذا) وفي نسخة فإذا (غاب) أي عنهم (فأكلوا في غيبته لم يشبعوا) بفتح الباء وزيد في نسخة ولم يرووا بفتح الواو ولعل النسخة الأولى مبنية على الاكتفاء أو على تغليب شبع الطعام على ري الماء (وكان سائر ولد أبي طالب) بفتحتين وبضم فسكون أي بقية أولاده أو جميعهم (يصبحون) أي يدخلون في الصباح (شعثا) بضم أوله جمع أشعث أي مغبرة شعورهم مغيرة وجوههم متغيرة ألوانهم بقرينة المقابلة بقوله (ويصبح صلى الله تعالى عليه وسلم صقيلا) أي صافي اللون (دهينا) أي مدهون الشعر بريق الوجه (كحيلا) أي كان مكحول العينين هذا وأولاده عقيل وطالب وجعفر وعلي وأم هانىء وحمامة وأم طالب فأسلموا كلهم إلا طالبا مات كافرا ويقال أن الجن اختطفته ثم اعلم أنه قال الحلبي استعمل القاضي رحمه الله تعالى سائر بمعنى جميع والشيخ أبو عمرو بن الصلاح أنكر كون سائر بمعنى جميع وقال إن ذلك مردود عند أهل اللغة معدود في غلط العامة وأشباههم من الخاصة قال الزهري في تهذيبه أهل اللغة اتفقوا على أن سائر بمعنى الباقي وقال الحريري في درة الغواص في أوهام الخواص ومن أوهامهم الفاضحة وأغلاطهم الواضحة أنهم يستعملون