حديث الشيخين ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط أي غير لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، (وَمِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ عنه) أي عن أنس رضي الله تعالى عنه (قال) أي النبي عليه الصلاة والسلام (فلا أدري في الثّالثة أو الرّابعة) اعتراض بين قال ومقوله أفاد صدور شك إما من أنس أو من قتادة في ايتهما قَالَ (فَأَقُولُ يَا رَبِّ مَا بَقِيَ فِي النّار إلّا من حبسه القرآن) أي منعه ترك الإيمان بما نزل به القرآن وقوله (أي من وجب عليه الخلود) حاصل المعنى وخلاصة المبنى وهذا تفسير قتادة قيل ومعناه من أخبر القرآن أنه مخلد في النار وهم الكفار. (وعن أبي بكر) أي الصديق رضي الله تعالى عنه برواية أحمد وابن حبان (وعقبة بن عامر) أي برواية ابن أبي حاتم وابن مردويه (وأبي سعيد) أي برواية الترمذي (وحذيفة) أي برواية أبي داود في البعث (مثله) أي مثل حديث أنس (قال فيأتون محمّدا فيؤذن له) أي في الشفاعة (وتأتي الأمانة والرّحم فتقومان) بالتأنيث تغليبا (جنبتي الصّراط) بفتح النون ويسكن أي جانبيه وناحيتيه وطرفيه يمنة ويسرة والمعنى أنهما يمثلان أو يجسمان فيشهدان للأمين والواصل وعلى الخائن والقاطع وقال بعضهم ويجوز أن تحمل الأمانة على الأمانة العظمى المؤذن بها آية إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ والرحم على صلتها الكبرى المشير إليها قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ إلى قوله تعالى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ فيدخل في الحديث معنى التعظيم لأمر الله والشفقة على خلق الله فكأنهما اكتفتا جنبتي الصراط المستقيم والدين القويم هذا وقد جاء أن الصراط صعوده ألف سنة واستواؤه ألف سنة وهبوطه ألف سنة وفي مسلم عن أبي سعيد بلغنا أنه أحد من السيف وأدق من الشعر وهذا جاء مسندا مرفوعا عنه عليه الصلاة والسلام وأما قول الحلبي فإن قيل الصراط مم هو فالجواب أنه شعرة من جفون عين مالك فغير منقول المبنى ولا معقول المعنى فلا يجزم بهذا الجواب بل يقال في مثل هذا لا أدري لأنه نصف العلم والله تعالى أعلم بالصواب؛ (فذكر) وفي نسخة وذكر بالواو (في رواية أبي مالك) كما أخرجه أبو داود في البعث (عَنْ حُذَيْفَةَ فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا فَيَشْفَعُ فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ) بصيغة المجهول أي فيوضع على متن جهنم جسرا ممدودا ففي حديث الحاكم على شرط مسلم ورواه غيره أيضا بوضع الصراط مثل حد الموسى (فيمرّون) أي عليه كما في نسخة وجاء في رواية فيتهافت أهل النار فيها وينجو أهل الجنة منها كما قال تعالى ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا (أوّلهم كالبرق) أي الخاطف كما في رواية (ثمّ كالرّيح والطّير) أي وكالطير (وشدّ الرّجال) بالجيم أي عدوهم وجريهم وقد خطئ من رواه بالمهملة وهو العرفي وجعله جمع رحل وهي رواية ابن ماهان والمراد به هنا الناقة فإن الرحل ما يوضع على البعير ثم يعبر به تارة عن البعير مجازا لكن الأول هو الصحيح المعروف بخط المصنف مضبوط بالجيم وهو كذا لكافة رواة مسلم وعند الهروي الرحال بالحاء قال ابن قرقول وهو تصحيف هذا وقد أغرب بعضهم في قوله إن المرور للصراط بهم (ونبيّكم) بالرفع يعني نفسه على طريقة