على مسكين أو خوف من الله تعالى أو نية صادقة أو نحو ذلك والله تعالى أعلم لأن نفس الإيمان لا يتجزأ ويدل عليه ما جاء في رواية أخرى وكان في قلبه من الخير ما يزن كذا (فأخرجه) أي من النار أو من موقف العار (فأنطلق) أي فأذهب (فأفعل) أي ما أمرت به من إخراج من يستوجب العذاب قال الغزالي وفي مفهوم هذا الحديث أن من إيمانه يزيد على مثقال حبة من برة أو شعيرة لا يدخل النار إذ لو دخل لأمر بإخراجه أولا قال ومن أهل النار من يعذب قليلا ومنهم من يعذب ألف سنة وأقصاه في حق المؤمنين سبعة ألف سنة قال وذلك آخر من يخرج من النار على ما ورد في الأخبار (ثمّ أرجع إلى ربّي) أي مقام الخطاب (فأحمده بتلك المحامد، وذكر مثل الأوّل) أي مثل ما تقدم أو مثل ما ذكر الراوي الأول وهو قوله ثم أخر ساجدا الخ (وقال فيه) أي في هذا الحديث من رواية مسلم (مثقال حبّة من خردل) أي من إيمان والخردل بالدال ويقال بالذال حب الرشاد والواحد خردلة، (فأفعل) وفي نسخة قال فافعل (ثمّ أرجع) أي إلى ربي كما في نسخة صحيحة، (وذكر مثل ما تقدّم وقال) وفي نسخة ثم قال (فيه) أي في الحديث من رواية مسلم (مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى) ثلاث مرات كذا في أصول مسلم على ما ذكره النووي (من مثقال حبّة من خردل) وهذا كله مثل للقلة لأن الإيمان والمعرفة عرض لا يوزن بالكمية وإنما يختلف باعتبار الكيفية، (فأفعل) وفي نسخة قال فافعل أي في المرة الثالثة ما أمرت به من الإخراج (وذكر في المرّة الرّابعة) أي من رواية البخاري (فيقال لي ارفع رأسك وقل متسمع) كما في نسخة أي يجب قولك وتستجب دعوتك (واشفع تشفّع وسل) وفي نسخة واسأل (تُعْطَهُ فَأَقُولُ يَا رَبِّ ائْذَنْ لِي فِيمَنْ) أي في شفاعة من (قال لا إله إلّا الله) أي في إخراج من اكتفى بالتوحيد المقرون بإقرار النبوة من النار وإدخاله في دار الأبرار وفي هذا إشعار بأن ما سبق من تقدير مثقال حبة ونحوها من الإيمان ثمرته المعبر عنها بالإيقان أو العمل بالأركان لا مجرد الإيمان الذي هو التصديق القلبي والاعتراف اللساني فكأنه أراد بمن قال لا إله إلا الله من لم يصدر عنه عبادة سواه. (قال ليس ذلك) أي الأمر بالشفاعة في حقه راجعا (إليك) ولعل وجهه أنه لم يصدر عنه ما يوجب المتابعة الباعثة على الشفاعة وإنما وقع منه مجرد إطاعة الأمر الإلهي بالتوحيد الرباني وقبول إرسال النبي الصمداني هذا ولما كان النفي موهما أن لا شفاعة لهم اصلا ولا خلاص لهم فضلا وإنما يجب عذابهم عدلا كما توهم المعتزلة في هذه المسألة فصلا استدرك سبحانه وتعالى وأكده بالقسم وعظم شأنه بقوله (ولكن وعزّتي وكبريائي) أي ارتفاع مقامي (وعظمتي وجبريائي) بكسر الجيم والراء ممدودا قيل أتى به كذا اتباعا والصحيح أنه لغة في الجبروت أي وجبروتي المشعر بالجبر والقهر المشير إلى أني لا أبالي (لَأُخْرِجَنَّ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إلّا الله) أي ولو مرة من غير تكرار وإكثار يعني من شهد أنه لا معبود موجود قادر على كل شيء سواه وبه خص عموم حديث البخاري أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه أي وعمل عملا صالحا لربه ويؤيده