وكسرها على ما نقله الحلبي وفي القاموس المعدة ككلمة وبالكسر موضع الطعام قبل انحداره إلى الامعاء وهو لنا بمنزلة الكرش لغيرنا (نامت الفكرة) أي غفلت أو ماتت ويؤيده ما ورد لا تميتوا القلوب بكثرة الطعام والشراب وقد قالت الصوفية في قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً هذا مثل ضربه الله للاولياء ليفهموا الدنيا وأهلها وذلك أن البعوضة تحيى إذا جاعت وتموت إذا شبعت وكذلك أهل الدنيا إذا امتلاؤا من الدنيا وركنوا إليها أخذتهم وأماتت قلوبهم وأهلكتهم (وخرست الحكمة) بكسر الراء أي سكنت وما ظهرت وهي كمال النفس باقتباس العلوم العقلية واكتساب الحقائق النقلية ولذا قيل الحكمة اتقان العلم والعمل (وقعدت) وفي رواية وكلت (الأعضاء عن العبادة) أي فترت وثقلت منها وكسلت عنها بسبب ما يعتريها من النوم المانع عنها؛ (وقال سحنون) بفتح السين وضمها قيل نون وهو مصروف وقيل ممنوع وهو أبو سعيد عبد السلام بن سعيد التنوخي الملقب بسحنون الفقيه المالكي قرأ على القاسم بن وهب وأشهب ثم انتهت إليه الرياسة في العلم بالمغرب وأدرك مالكا ولم يقرأ عليه وصنف كتاب المدونة في مذهب مالك وحصل له ما لم يحصل لأحد من أصحاب مالك توفي سنة اربعين ومائتين وقال التلمساني وعند القرافي ذو النون وهو أبو الفيض المصري العابد مات سنة خمس وأربعين ومائتين فيمكن أن يكون أحدهما راويا عن الآخر لأنهما في عصر واحد (لا يصلح العلم) أي على الوجه الأنفع (لمن يأكل حتّى يشبع) قال التلمساني وتمامه ولا لمن يهتم بغسل ثيابه. (وفي صحيح الحديث قوله صلى الله تعالى عليه وسلم) أي كما رواه البخاري (أمّا أنا فلا آكل متّكئا والاتّكاء) أي المراد منه ههنا (هو التّمكّن) على الوطاء (للأكل والتّقعدد في الجلوس له) أي كمال الاعتماد في العقود والتقعدد المراد منه هو القعود (كالمتربّع وشبهه) أي على أي هيئة (من تمكّن الجلسات) بكسر الجيم جمع جلسة للهيئة (الَّتِي يَعْتَمِدُ فِيهَا الْجَالِسُ عَلَى مَا تَحْتَهُ) أي من الأوطئة (والجالس على هذه الهيئة يستدعي الأكل) أي الكثير (ويستكثر منه) أي بشهوة نفس وشره طبع، (والنّبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ جُلُوسُهُ لِلْأَكْلِ جُلُوسَ المستوفز) أي كجلوس المستوفز وهو اسم فاعل من استوفز في قعدته انتصب فيها غير مطمئن أو وضع ركبتيه ورفع اليتيه أو استقل على رجليه ولم يستو قائما وقد تهيأ للوثوب كذا في القاموس فقوله (مقعيا) حال مؤكدة في بعض الوجوه إذ الإقعاء أن يجلس على ركبتيه وهو الاحتفاز والاستيفاز وقيل أي ملصقا مقعده بالأرض ناصبا ساقيه وفخذيه ويضع على الأرض يديه (ويقول) أي كما رواه البزار عن ابن عمر بسند ضعيف وأبو بكر الشافعي في فوائده من حديث البراء إنه عليه الصلاة والسلام كان يقول:
(إنّما أنا عبد) أي تواضعا منه وإرشادا إليه (آكل كما يأكل العبد) لا كما يأكل الملوك والمترفين وزاد ابن سعد وأبو يعلى بسند حسن عن عائشة رضي الله تعالى عنها مرفوعا (وأجلس كما يجلس العبد) وزاد الديلمي وابن أبي شيبة وابن عدي وأشرب كما يشرب الْعَبْدُ (وَلَيْسَ مَعْنَى الْحَدِيثِ فِي الِاتِّكَاءِ الْمَيْلُ على شقّ عند المحقّقين) بل هو المعنى الأعم الشامل له ولغيره