ومر عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي خلافته بذلك الموضع فاختلف أصحابه في موضعها وكثر تشاجرهم في ذلك فقال عمر هذا هو التكلف سيروا واتركوها وكان الذين بايعوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ألفا وأربعمائة في إحدى الروايتين عن جابر وألفا وخمسمائة في الرواية الأخرى عنه فبايعوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على أن لا يفروا قال جابر ولم يبايعوه على الموت وقال سلمة بن الأكوع في حديثه بايعناه على الموت وكلا الحديثين صحيح لأن بعضهم بايع على أن لا يفر ولم يذكر الموت وبعضهم بايع على الموت ولم يتخلف عن هذه البيعة أحد ممن حضر مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلا الجد ابن قيس فإنه اختبأ تحت ناقته وكان عثمان رضي الله عنه غائبا بمكة وبايع عنه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بيده وقال هذه يد عثمان رضي الله عنه وكانت هذه البيعة بسبب غيبة عثمان عند ما شاع أن أهل مكة قتلوه وكان صلى الله تعالى عليه وسلم عندما توجه إلى مكة أراد أن يبعث رجلا إلى قريش يخبرهم أنه لا يريد حربا وإنما جاء معتمرا فبعث إليهم خراش بن أمية الخزاعي فلما وصل إليهم أرادوا قتله فمنعته الأحابيش قال ابن قتيبة في المعارف وهم جماعة اجتمعوا فتخالفوا أن يكونوا كلا على من سواهم والتحبش في كلام العرب التجمع وخلوا سبيل خراش حتى أتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأخبره بذلك فأراد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن يبعث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه إليهم فقال عمر يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي وليس بمكة من عدي بن كعب من يمنعني وقد علمت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها ولكن أدلك على رجل أعز بها مني عثمان ابن عفان رضي الله تعالى عنه فدعا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عثمان فبعثه إلى أبي سفيان واشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت للحرب وإنما جاء زائرا للبيت ومعظما لحرمته فخرج عثمان إلى مكة فلقيه إياد بن سعيد بن العاص قبل أن يدخل مكة فترجل له وحمله على دابته وأجازه بالزاء فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وسلم ما أرسله به فقالوا له حين فزع إن شئت أن تطوف بالبيت فطف فقال مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ حَتَّى يَطُوفَ بِهِ رَسُولُ الله صلى الله تعالى عليه وسلم واحتبسته قريش عندها تبره وتكرمه فاتفق أن خرج صارخ في عسكر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قد قتل عثمان فاغتم المؤمنون وقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لا نبرح إن كان هذا حتى نلقي القوم وأمر مناديه فدعا إلى البيعة وبلغ بعد ذلك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن الذي كان من أمر عثمان باطل وجاء إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سالما فحمد الله على ذلك والمبايعة في الآية مفاعلة من البيع لأن الله سبحانه وتعالى باع منهم الجنة بأنفسهم وأموالهم وباعوه أنفسهم وأموالهم بالجنة وبقية قضية الحديبية في المواهب اللدنية.