نام کتاب : سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 11 صفحه : 479
الوجه، جائز الفعل، لأنّ موسى دافع عن نفسه من أتاه لإتلافها، وقد تصوّر له في صورة آدميّ، ولا يمكن أنه علم حينئذ أنه ملك الموت، فدافعه عن نفسه مدافعة أدّت إلى ذهاب عين تلك الصورة التي تصوّر له فيها الملك امتحانا من الله له، فلما جاءه بعد، وأعلمه الله تعالى أنه رسوله إليه استسلم.
وللمتقدمين والمتأخّرين على هذا الحديث أجوبة هذا أشدّها عندي، وهو تأويل شيخنا الإمام أبي عبد الله المازري.
وقد تأوّله قديما ابن عائشة وغيره على صكّه ولطمه بالحجّة، وفقء عين حجّته، وهو كلام مستعمل في هذا الباب في اللغة معروف.
وأمّا قصة سليمان وما حكى فيها أهل التفاسير من ذنبه وقوله: وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ [ص 34] ، فمعناه ابتلينا، وابتلاؤه:
ما حكي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لأطوفنّ الليلة على مائة امرأة أو تسع وتسعين كلّهن يأتين بفارس يجاهد في سبيل الله. فقال له صاحبه: قل إن شاء الله، فلم يقل. فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشقّ رجل.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله.
قال أصحاب المعاني: والشقّ هو الجسد الذي ألقي على كرسيّه حين عرض عليه، وهي عقوبته ومحنته.
وقيل: بل مات فألقي على كرسيّه ميّتا.
وقيل: ذنبه حرصه على ذلك وتمنّيه.
وقيل: لأنه لم يستثن لما استغرقه من الحرص، وغلب عليه من التّمنّي.
وقيل: عقوبته أن سلب ملكه، وذنبه أن أحبّ بقلبه أن يكون الحقّ لأختانه على خصمهم.
وقيل: أوخذ بذنب قارفه بعض نسائه. ولا يصحّ ما نقله الأخباريّون من تشبّه الشيطان به، وتسلّطه على ملكه، وتصرّفه في أمته بالجور في حكمه، لأنّ الشياطين لا يسلّطون على مثل هذا، وقد عصم الأنبياء من مثله.
وإن سئل: لم يقل سليمان في القصة المذكورة: إن شاء الله؟ - فعنه أجوبة: أحدها- ما روي في الحديث الصحيح أنه نسي أن يقولها، وذلك لينفذ مراد الله تعالى.
نام کتاب : سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 11 صفحه : 479