responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : الصالحي الشامي    جلد : 11  صفحه : 452
وقد أفتى مالك- رحمه الله تعالى- فيمن قال: تربة المدينة رديئة- بالهمزة، وقد لا تهمز تخفيفا- بضربه ثلاثين درّة، وأمر بحبسه وكان المضروب له قدر فقال الإمام: ما أحوجه إلى ضرب عنقه تربة دفن فيها رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- يزعم أنها غير طيبة.
وفي الصحيحين عن علي وأنس- رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال في المدينة: «من أحدث فيها حدثا أي: منكرا مبتدعا غير مرضي ولا معروف، أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا» .
وروى مالك وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه عليه الصلاة والسّلام قال: «من حلف على منبري كاذبا فليتبوأ مقعده من النّار» .
وحكي أن أبا الفضل الجوهري لما ورد المدينة [زائرا وقرب من بيوتها] ترجّل ومشى باكيا منشدا:
ولمّا رأينا رسم من لم يدع لنا ... فؤادا لعرفان الرّسوم ولا لبّا
نزلنا عن الأكوار نمشي كرامة ... لمن بان عنه أن نلمّ به ركبا
[ (1) ] وأنشأ يقول:
رفع الحجاب لنا فلاح لناظر ... قمر تقطّع دونه الأوهام
وإذا المطيّ بنا بلغن محمّدا ... فظهورهنّ على الرّجال حرام
قرّبننا من خير من وطئ الثّرى ... ولها علينا حرمة وذمام
[ (2) ] وحكي أن بعض المشايخ حج ماشيا فقيل له في ذلك فقال: العبد الآبق لا يأتي إلى بيت مولاه راكبا لو قدرت أن أمشي على رأسي ما مشيت على قدمي.
قال القاضي- رحمه الله تعالى-: وجدير- أي حقيق- لمواطن عمّرت بالوحي والتنزيل وتردد بها جبريل وميكائيل وعرجت منها الملائكة والروح، وضجت- أي صوتت- عرصاتها [ (3) ]- جمع عرصة ما وسع من المكان- بالتقديس والتسبيح، واشتملت تربتها على سيد البشر، وانتشر عنها من كتاب الله تعالى ودينه وسنّة رسوله ما انتشر مدارس آيات، ومساجد، وصلوات، ومشاهد الفضائل والخيرات، ومعاهد البراهين من الآيات والمعجزات،

[ (1) ] البيتان للمتنبي انظر ديوانه 1/ 56 وقوله الرسم: آثار الديار الدارسة، والمراد به آثار المصطفى- صلى الله عليه وسلم- في معاهده ومساكنه، والفواد القلب، والعرفان: المعرفة، واللب العقل. والأكوار جمع كور، وهو للإبل بمنزلة السرج للفرس.
[ (2) ] الأبيات لأبي نواس في مدح محمد الأمين انظر ديوانه: (408) والمراد من قوله برفع الحجاب في الشعر، رفع ستائر أبواب الملوك العظام، وهو هنا بمعنى انقضاء المسافة والقرب من المدينة.
[ (3) ] جمع عرصة، وهي الأرض، والساحة من غير بناء وهنا المراد بها الأرض مطلقا.
نام کتاب : سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : الصالحي الشامي    جلد : 11  صفحه : 452
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست