نام کتاب : سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 1 صفحه : 260
وبسط الشيخ رحمه الله تعالى الكلام على ذلك في «مسالك الحنفا» ويأتي لهذا مزيد بيان إن شاء الله تعالى في باب وفاة أمه صلى الله عليه وسلم.
خاتمة وجمع من العلماء لم تقو عندهم هذه المسالك فأبقوا حديث مسلم ونحوه على ظاهرها من غير عدول عنها بدعوى نسخ ولا غيره، ومع ذلك قالوا: لا يجوز لأحد أن يذكر ذلك.
قال السهيلي في الروض الأنف بعد إيراده حديث مسلم: وليس لنا نحن أن نقول ذلك في أبويه صلى الله عليه وسلم:
«لا تؤذوا الأحياء بسبّ الأموات»
[ (1) ] وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ الآية.
وسئل القاضي أبو بكر بن العربي أحد أئمة المالكية رحمه الله تعالى عن رجل قال: إن أبا النبي صلى الله عليه وسلم في النار. فأجاب: بأن من قال ذلك فهو ملعون لقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ قال ولا أذى أعظم من أن يقال عن أبيه: أنه في النار.
ومن العلماء من ذهب إلى قول خامس وهو الوقف. قال الشيخ تاج الدين الفاكهاني في كتابه «الفجر المنير» : الله أعلم بحال أبويه صلى الله عليه وسلم. وقال الباجيّ [ (2) ] في شرح الموطّأ: قال بعض العلماء: أنه لا يجوز أن يؤذى النبي صلى الله عليه وسلم بفعل مباح ولا غيره، وأما غيره من الناس فيجوز أن يؤذى بمباح وليس له المنع منه، ولا يأثم فاعل المباح وإن وصل ذلك إلى أذى غيره. قال:
ولذلك
قال النبي صلى الله عليه وسلم إذ أراد علي ابن أبي طالب أن يتزوج ابنة أبي جهل: «إنما فاطمة بضعة مني وإني لا أحرّم ما أحل الله، ولكن لا والله لا تجتمع ابنة رسول الله وابنة عدو الله عند رجل أبداً» .
فجعل حكمها في ذلك حكمه أنه لا يجوز أن تؤذى بمباح. واحتج على ذلك بقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً. وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً فشرط على المؤمنين أن يؤذوا بغير ما اكتسبوا. وأطلق الأذى في خاصة النبي صلى الله عليه وسلم من غير شرط. انتهى.
[ (1) ] ذكره المتقي الهندي في الكنز (37417) .
[ (2) ] سليمان بن خلف بن سعد التجيبي القرطبي، أبو الوليد الباجي: فقيه مالكي كبير، من رجال الحديث. أصله من بطليوس ومولده في باجة بالأندلس. رحل إلى الحجاز سنة 426 هـ، فمكث ثلاثة أعوام. وأقام ببغداد ثلاثة أعوام، وبالموصل عاما، وفي دمشق وحلب مدة. وعاد إلى الأندلس، فولي القضاء في بعض أنحائها. وتوفي بالمرية. من كتبه «السراج في علم الحجاج» و «إحكام الفصول، في أحكام الأصول» . توفي سنة 474 هـ. الأعلام 3/ 125.
نام کتاب : سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد نویسنده : الصالحي الشامي جلد : 1 صفحه : 260