responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 77
إن هذين التهذيبين قد توافرا فى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فاتجه منذ صباه إلى معالى الأخلاق التى تليق بذوى الشرف والرياسة، ولم يتخذ الشرف سبيلا للاستطالة على غيره.
وإن يتمه وفقره، وعمله فى ميدان الأجراء الضعفاء جعله قريبا مألوفا غير متعال، يحس أنه من الضعفاء فى إخلاصهم، ومع الأشراف فى امتناعهم عن الدنية فى أعمالهم، وفى كل أحوالهم ... كان العطوف الأليف.
وإنه يلاحظ فى استقراء أحوال الناس أن الضعفاء دائما إذا لم ترنق قلوبهم بحقد، ولا حسد للناس على ما اتاهم الله من فضله، يكون فى قلوبهم إخلاص، ومع الإخلاص إشراق النفوس الذى ينزع بها إلى الحق، وإلى صراط مستقيم، ذلك لأن قلوبهم لم تصبها كدرة الهوى، والشهوات واللذات التى يدفع إليها المال، أو يسهل سبيلها، واستغراق النفس بها، فيكون الإنسان قريبا من الإيمان سرعان ما يدخل قلبه الإيمان، ولذلك كان أول من يجيب دعوة الأنبياء ويؤمن بها، وأول من يجيب دعوة أى حق ويؤمن بها الضعفاء والفقراء بهذا القيد الذى ذكرناه، وهو ألا يدنس قلوبهم حقد، ولا حب انتقام، ولا حسد يطفيء موضع الإيمان فى قلوبهم.
لقد أوتى النبى عليه الصلاة والسلام الرحمة بالضعفاء، لأنه أحس بأنه منهم، من غير أن يناله ما عساه يكمن فى نفوس الضعفاء من استكانة، ورضا بالدون من السجايا المرهقة المذلة، لأن الضعيف إذا لم يصب بالحقد أصيب بنوع من الرضا بالقليل، وعدم المطالبة بحقه الهضيم، وإن ذلك قد يجر إلى الاستخذاء، والنبى عليه الصلاة والسلام أوتى مزايا الفقر من إخلاص واتجاه إلى الطريق المستقيم، من غير تدلى الضعفاء إلى هوان، أو إذلال، لأن علو النسب منعه، وأبعده عن ذلك، فالتقت فيه الحسنيان، حسنى النسب، والإخلاص لله سبحانه وتعالي، فكان ذلك تهيئة للرسالة الإلهية الرافعة للإنسانية.

نام کتاب : خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم نویسنده : أبو زهرة، محمد    جلد : 1  صفحه : 77
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست