ليستأنف الكفاح والكدح لله وفي سبيل الله [1] .
وفي طريق عودة النبي صلّى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة توقف في منطقة غدير خم قرب الحجفة يوم 18 ذي الحجة، ثم خطب وأثنى على سيدنا علي بن أبي طالب وكان أهل اليمن قد أكثروا الشكاية عليه لأنه منعهم من ركوب إبل الصدقه.
ومما قاله صلّى الله عليه وسلم: لا تشكوا عليا، فوالله إنه لأخشى في ذات الله من أن يشكى.
ومنها قال: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.
رواه أصحاب السنن والإمام أحمد.
أخر البعوث:
كانت كبرياء دولة الروم قد جعلتها تأبى عليه حق الحياة، وحملها على أن تقتل من أتباعها من يدخل فيه، كما فعلت بفروة بن عمرو الجذامي الذي كان واليا على معان من قبل الروم.
ونظرا إلى هذه الجراءة والغطرسة أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلم يجهز جيشا كبيرا في صفر سنة 11 هـ، وأمر عليه أسامة بن زيد بن حارثة، وأمره أن يوطىء الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين، يبغي بذلك إرهاب الروم وإعادة الثقة إلى قلوب العرب الضاربين على الحدود، حتى لا يحسبن أحد أن بطش الكنيسة لا معقب له، وأن الدخول في الإسلام يجر على أصحابه الحتوف فحسب.
وتكلم الناس في قائد الجيش لحداثة سنه، واستبطأوا في بعثه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم إن تطعنوا في إمارته، فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وايم الله إن كان لخليقا للإمارة، وإن كان من أحب الناس إليّ، وإن هذا من أحب الناس إليّ بعده [2] .
وانتدب الناس يلتفون حول أسامة، وينتظمون في جيشه، حتى خرجوا ونزلوا الجرف، على فرسخ من المدينة، إلا أن الأخبار المقلقة عن مرض رسول الله صلّى الله عليه وسلم أكرهتهم على التريث، حتى يعرفوا ما يقضي الله به، وقد قضى الله أن يكون هذا أول بعث ينفذ في خلافة أبي بكر الصديق [3] . [1] انظر لتفصيل حجة النبي صلّى الله عليه وسلم صحيح البخاري كتاب المناسك ج 1 و 2/ 631 وصحيح مسلم باب حجة النبي صلّى الله عليه وسلم وفتح الباري ج 3 من شرح كتاب المناسك وج 8/ 103 إلى 110 وابن هشام 2/ 601 إلى 605، زاد المعاد 1/ 196، 218 إلى 240. [2] صحيح البخاري. باب بعث النبي صلّى الله عليه وسلم أسامة 2/ 612. [3] المصدر السابق وابن هشام 2/ 606، 560.