من منا الآن إذا أمسك الكتاب وقرأ لهذا الإمام أو ذلك العالم دعا له بالمغفرة، ودعا له بعلو الدرجة..؟ فإنك إن دعوت له بالرحمة سخّر الله لك من ترحم عليك بعد موتك.
هؤلاء أولياء الله.. العلماء العاملون.. أهل السنة الذين هم على منهج الكتاب والسنة، هؤلاء أحباب الله، وهم صفوة الله بعد الأنبياء؛ ولذلك جعل الله فيهم علم الكتاب والسنة، وجعلهم أمناء على الشريعة والملة، فالترحم عليهم والدعاء لهم، خيرٌ كثيرٌ.
المَعْلَمْ الرابع: نشر فضلهم بين الأحياء، والاعتذار لهم في الأخطاء:
إذا قرأت فائدة، أو نقلت عِلماً نبَّه عليه إمام من أئمة السلف، كان من الحق عليك أن تنوِّه بفضله في ذلك، فتقول: كما قرّره شيخ الإسلام فلان، كما بيّنه الحافظ فلان، أو الإمام فلان، ولا توهم الناس أن الفضل –بعد الله- لك وحدك.. لا، وإنما تنصفهم وتذكر مآثرهم، وتبيّن فضلهم، فإن ذِكْرَ دقائق ما توصلوا إليه من الأفهام، وما كشفوه من العلوم والحقائق المبنية على دليل الكتاب والسنة.. ونشرِه بين الناس ونسبته إليهم، يُعرِّف الناس قدرهم، ويجعلهم يدركون فضلهم –خاصة بين طلاب العلم-، ويغارون عليهم من أن ينتقصوا وأن يُهانوا.
ثانياً: الأدب مع الأحياء من العلماء (1)
(1) 22] ) وللفقيه الشيخ محمد الإغاثة -نزيل المدينة المنورة- رجَزّيةٌ في أدب الطالب مع شيخه، أثبتها بتمامها للفائدة. قال -حفظه الله-:
الحمدُ لله مُنيل العلماءْ
فضلاً جزيلاً بالذي قد عُلما
ثم صلاته مع السلام
على الرسول سيد الأنام
يا طالب العلم فضعْ تحت اليدِ
ما سأقول تُعنَ من ذي اليدِ
ومِعدُ فلآتي بإذن الهادي
أفادهُ قَنَّونُ (*) في الجهاد
وبعد فاعلم أن لابن العربي
ففيه كل عجم وعربِ
برُّ المُعَلِّم على المعلَّم
يلْزمُ مثل الوالدين فاعلم
قبّل يداً عنه وامشي إن ركبْ
واجعله قبلةً وعظّم وارتكبْ
توقيره وانظر وأنْصِتْ واطلبِ
إذناً لدى السؤال كل مطلبِ
واحذر من أن تحفظ للزلاتِ
وطلبِ الغِرّةِ في الحالاتِ
وحقه حقيقةً وبرهْ
آكدْ على الآباء في المبره
هذا وقد نُقِلَ عن زروق
مع الذي سِيق مِنَ الحقوق
أن من اسْتَحْقَر بالأستاذ قَدْ
يُبلى بنسيان لما منه فَقَدْ
حفِظّ والموتُ بلا إيمان
مِن ذا أعوذُ بالعلي الرحمن
وَكَلّل اللسان عند الفزع
ربِّ قِنا الثلاث يوم المفْزَع
وفي العهودِ من رسول الله
قد عم أخذُ العهد كل لاهِ
منا وغيرُ لذويه ما عَقدْ
في نظمه الداني وبعدما انتقدْ
لو لم يكونوا عملوا بالحقِّ
لأنهم نُوّابُ خير الخلق
ومن يخنْهمُ فَقَدْ خانَ النبي
وذاك كفرٌ ولبعض مذهبِ
تكفير من صغّر كالعمامهْ
لعالم لو لم يكن إمامه
و (اليوسِي) (**) في قانونه ما يأتي
وحقه الكتبُ بما الحياةِ
انظر بمُقْلةِ الإجلال
ولتعتقد درجة الكمال
(*) اسم أحد علماء المالكية المغاربة -رحمة الله على الجميع-.
(**) اسم عالم من العلماء -رحمهم الله-.