من نحن لولا الله جل جلاله، ثم علم هؤلاء العلماء..؟! ومن نحن لولا الله ثم هؤلاء الأئمة الذين فسروا كتاب الله وبيّنوا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وقفوا عند كل كلمة من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ... بيّنوا حلالها وحرامها.. وبيّنوا ناسخها ومنسوخها.. وبيّنوا حدودها ومحارمها.. وبيّنوا حقوقها وواجباتها –رحمة الله عليهم-، أسأل الله العظيم ربّ العرش الكريم أن يسبغ عليهم شآبيب الرحمات، وأن يوجب لهم علوّ الدرجات، وأن يجمعنا بهم في رياض الجنات.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
هؤلاء الأئمة لهم فضل.. لولا الله ثم هم ما تكلمنا، وما استطعنا أن نعرف كثيراً من شعائر ديننا، فينبغي للإنسان إذا قرأ كتاباً لعالم يترحَّم عليه ويدعو له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تستطيعوا فادعوا له) [1] [21] ) .
تمر عليك المسألة في الأحكام.. ويمرّ عليك حديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مُشكلٌ لا تدري أهو صحيح أم ضعيف، ثم لا تدري متنه، ما هو المراد منه..؟ أهو مطلق أم مقيد..؟ عام أم خاص..؟ فإذا وقفتَ أمام هذا الكلام الذي يقوله الإمام، أدركتَ حقيقة المراد، وأدركت جليّته، وكنتَ على بينة من هذا النص في كتاب الله أو ذاك النص من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما تملك إذا اطّلعت على هذا الخير إلا أن تقول: رحمة الله على فلان ... !
وكان بعض مشائخنا –وهو الوالد رحمة الله عليه- إذا نظر في الكتاب وقرأ فيه، كثيراً ما أسمعه يقول: رحمة الله عليه.. رحمة الله عليه.. رحمة الله عليه..! كأنه كلما فرغ من مسألة يترحم عليه، فسألته ذات مرة، قلت: يا أبتِ: أنت تكثر من قولك: رحمة الله عليه، قال: ما فرغت من مسألة وأحسست بفضله عليَّ إلا ترحّمتُ عليه، وهذا قليل من حقه عليّ، أي: أقل ما يكون له أن أقول: رحمه الله. [1] 21] ) رواه البخاري في الأدب المفرد رقم (216) بإسناد صحيح.