أ- أن يكون [1] [136] ) الخلاف بحجة وبرهان، والاستدلال بهذه الحجة مبني على أصل مقرر عند العلماء لا بمحض الهوى، فيستنبط (استنباطاً) ما سبقه إليه أحد، والعلم الحق موروث، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (.. وإن الأنبياء لم يورِّثوا درهماً ولا ديناراً، وإنما ورَّثوا العلم..) [2] [137] ) .
فالذي يتكلم في الخلافيات والمسائل، ويناظر إخوانه وهو يعتمد أصول العلماء ويتكلم بكلامهم، فقد تكلم بإثارة من علم السلف.
وإذا جاءك إنسان بقول عليه دليل وليس لك علم به، فاسكت -رحمك الله- حتى لا تزلّ قدم بعد ثبوتها، فقد يمقت الله طالب العلم بردّه لسنة. وكان أبو بكر رضي الله عنه يقول: (أخاف إن تركت سنته أن أضل، إن الله يقول: ((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) [النور:63] ، ينبغي أن يزن طالب العلم نفسه بميزان الشرع، ولا يتكلم في دين الله إلا بحجة من الله وبينة، لا بالهوى والظن، ((وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا)) [يونس:36] .
عوّد نفسك من اليوم: أنك لا تدخل في نقاش أو خلاف دون تصور وحجة وبرهان، واترك طلاب العلم حولك يختلفون ويصيحون ويُقيمون الدنيا ويقعدونها، واستمع لخلافهم وانصت، وخذا ما صفا، ودع ما كدر، واجْنِ الثمار وألْقِ الحطب في النار.
وأما عاقبة من فُتن وكان جريئاً على الخلافات والمناظرات والمناقشات، دون علم، فإنه إذا تخرّج لا يرتاح حتى يجد من يناقشه ويناظره، ويصبح ديدنه ذلك، وأصحب ما عنده مسألة إجماعية لا خلاف فيها، ويصير علمه وبضاعته -والعياذ بالله- القيل والقال. [1] 136] ) من أسئلة دروس البلوغ عند شرح حديث ابن عمر (نهي عن بيع العربون) . [2] 137] ) الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (5/196) ، والترمذي (2682) ، والخطيب في الرحلة (ص:81) ، وهو حسن عند كثير من الحفاظ.