والناس لا نجاة منها، فلو صاحبت أفضل الناس لابد من كلام الناس فيك.
تالله لو صحب المرء جبريلا ... لا بدّ من قيلٍ وقيلا
قد قيلَ في اللهِ أقوالٌ مسمّاة ... تتلى إذا رتّل القرآن ترتيلا
قد قيل إن له صاحبة ... تعالى الله عما قيلا
فالله لم يسلم من كلام خلقه: من أن له صاحبة وولداً، تعالى الله عما يقوله الظالمون علواً كبيراً.
وهذه الفتنة لو وجدت عقولاً وقلوباً تتقي الله، لما راجت واستحكمت، وقد وقعت فتن في زمن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أعظم من ذلك، في الدماء، لكنها وجدت عقولاً راجحة ضيقت نطاقها، وعرفت أهل الشر والغوى فيها، ونحن لا نبرّئ ساحات أهل العلم من وجود أناس لا خير فيهم، دخلاء على الصالحين، أو يتمسحون بالصلاح وهم منهم براء، وأشهد الله أني بريء ممن برئ من عقيدة السلف، وأبرأ إلى الله ممن يتكلم ويطعن في الصالحين والأخيار.
ثانياً: لا تناقش الجهال حتى لا تهلكهم، ربما أثناء نقاشه يرد آية أو حديثاً بمحض هواه وفهمه فيهلِك، وتضيّع وقتك.
قال الإمام الشافعي: جادلني عالم فجدلته -أي غَلَبْتُه-، وجادلني جاهلٌ فغلبني، لأن الجاهل لا تدري من أين تأتيه، إذا جئته من يمين، يأتيك من شمال، وهكذا، ليست عنده ضوابط ولا قواعد ولا اصول يحتكم إليها، فلا تضيّع وقتك معه، قل له: ارجع إلى العلماء، حتى لا تَفْسُد القلوب بسبب هذه المناقشات التي لا تجدي؛ لأن هذا النوع من النقاش يفسدها ويوقع بينها الخلاف، والله قرن الفشل بالخلاف ((وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)) [الأنفال:46] .
ثالثاً: إذا كان الذي أمامك طالب علم، قد حصَّل علم آلة الخلاف والنقاش والاجتهاد، وتستفيد من مناقشته ومناظرته، فخذ بآداب البحث والمناظرة، وهي معروفة ومشهورة، ومنها: