4ـ المبالغة في اللوم والتوبيخ:
وهذا يقع كثيرا ممن لهم سلطة وتمكن، كالرئيس، والمدير، والمعلم، والكفيل، والوالد ونحوهم.
فتجد الواحد منهم يزيد، ويرعد، ويطلق العبارات البذيئة، ويبالغ في اللوم والتوبيخ بمجرد خطأ يسير وقع من شخص تحت سلطته.
وهذا الصنيع مما تكرهه النفوس، وتنفر منه القلوب؛ فالناس يكرهون من يؤنب في غير مواطن التأنيب، وينفرون ممن يبالغ فيه دون ترو أو تؤدة؛ فلربما استبان له فيما بعد أن ليس على حق، أو أن هناك اجتهادا صحيحا.
ومن الأمثلة على ذلك ما يقع من بعض المعلمين مع طلابهم، حيث يبالغ في تقريع الطالب عند أدنى خطأ، وربما كان ذلك الخطأ غير مقصود أصلا، مما يسبب النفرة من المعلم، والحرج للطالب، فلربما أصيب بسبب ذلك بخيبة أمل، وفقد للثقة بنفسه، وربما ترك الدراسة، فأصبح عالة على أهله ومجتمعه.
وقل مثل ذلك فيما يقع بين الأصحاب والأقارب؛ فقد يمضي على أحدهم زمن طويل لم ير صاحبه، فإذا ما رآه ابتدره باللوم، وأمطر عليه وابلا من القريع على غيابه، وقلة اتصاله.
وهذا الأمر ـ وإن كان دليلا على المحبة ـ إلا أنه سبب للقطيعة والمفارقة؛ لأن الناس لا يحبون أن يحملوا كل شيء، وأكثر الناس لا يتحمل أدنى عتب أو لوم.