وهكذا صورت لنا الآية الكريمة حل مشكلة العدد في قوله تعالى: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا} [الأنفال: 44] [1] .
وأما مشكلة السلاح فأمرها أهون من ذلك، إذا صح عزم المؤمن على منازلة عدوه، ومتى كان هدفه أن يموت شهيدًا في سبيل الله ورسالته، لقد كان السلاح الماضي هو الإيمان المكين واليقين الثابت في نصر الله والصبر على قساوة الصراع، وتلك هي العوامل التي تقف من وراء إمداد الله للمؤمنين بجنده الذي لا يغلب: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ - وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران: 125 - 126] [2] .
ولعلنا نزداد تصورًا وفهمًا لهذا الموقف الذي كان عليه المؤمنون حين نذكر دعاء الرسول ساعة الزحف، وهو يناجي ربه ويلح عليه: «اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد بعدها في الأرض، اللهم أنجز ما وعدت، اللهم إنهم حفاة فاحملهم، وعراة فاكسهم، وجياع فأشبعهم، وعالة فأغنهم من فضلك» ، ولم يكن هذا التوجه إلى الله شأن النبي القائد وحده، بل كانت دعوات الاستغاثة متصاعدة إلى عنان السماء، تجأر إلى الله تناشده النصر [1] سورة الأنفال: 44. [2] سورة آل عمران: 125 - 126.