قبره غير أنه خشي أو خشي أن يتخذ مسجدا
علم -صلى الله عليه وسلم- أن من أعظم أسباب الشرك الغلو في الصالحين، الغلو في الأولياء، الغلو في الأنبياء، حتى ينزلوهم منزلة الله، ويصرفوا لهم حقوق الله، ويعظموهم من دون الله، فخاف على أمته أن يقعوا فيما وقع فيه من قبلهم، فحذرهم من وسائل الشرك وذرائعه وحمى حمى التوحيد، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله [1] »
[حذر -صلى الله عليه وسلم- أمته من الغلو فيه وتعظيمه من دون الله]
حذر -صلى الله عليه وسلم- أمته من أن يغلوا فيه ويعظموه من دون الله، إنما بعث ليدعو الخلق إلى عبادة الله، ما بعث ليعبد من دون الله، ولا ليعظم من دون الله، ولا يؤله من دون الله {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [2] {وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [3] ، فنبينا -صلى الله عليه وسلم- بعث ليعرف العباد كيف يعبدون الله، لم يبعث ليعظم ويعبد من دون الله، ولهذا يقول -صلى الله عليه وسلم- في دعائه: «اللهم لا تجعل قبري وثنا، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد [4] »
أمة الإسلام، إن محمدا -صلى الله عليه وسلم- جاهد في الله حق جهاده، ودعا إلى الله ليلا ونهارا سرا وجهرا بمكة والمدينة، حتى إذا أكمل الله به [1] أخرجه البخاري في صحيحه كتاب أحاديث الأنبياء باب: قول الله: (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها) ، (فتح الباري 6 \591، ح 3445) [2] سورة آل عمران الآية 79 [3] سورة آل عمران الآية 80 [4] أخرجه مالك مرسلا في الموطأ 1 \72، كتاب: النداء للصلاة، باب جامع الصلاة، ح (414)