إلى حظيرة الإسلام، صلوات الله وسلامه عليه.
[على الدعاة الاهتمام بأمر التوحيد وجعله هو الغاية من دعوتهم، وأن يكرسوا جهودهم في سبيل تحقيقه]
دعاة الإسلام، إن الواجب عليكم أن تجعلوا أمر التوحيد غاية همكم وأعظم مرادكم، كرسوا جهودكم لذلك، اهتموا بهذا الأصل العظيم، ادعوا عباد الله إلى عبادة الله، خلصوا المسلمين من آثار الوثنية، خلصوهم من الجهالات والضلالات، عرفوهم بأعظم حق أوجبه الله عليهم، ألا وهو عبادة الله وحده لا شريك له، اجعلوا ذلك غاية أمركم، فإن أمة الإسلام دخل عليهم من الضلال والفساد ما هو معروف، فبعض من الناس – ردنا الله وإياهم إلى صراطه المستقيم – التبس عليهم الحق بالباطل، والهدى بالضلال، فعبدوا غير الله، بنوا القباب والمساجد على القبور، طافوا بها من دون الله، طلبوا منها كشف الكربات، استغاثوا بأربابها من دون الله، جعلوها إلها مع الله، صرفوا لها حقوق الله، عظموها في قلوبهم أعظم من تعظيم الله، تألهت قلوبهم غير الله، وعظموا غير الله، ولا شك أن هذا مناف لما بعث الله تعالى به سيد الأولين والآخرين محمدا صلى الله عليه وسلم.
[وجوب الاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- بجعل توحيد العبادة هو الغاية من الدعوة]
اقتدوا يا دعاة الإسلام بنبي الهدى محمد -صلى الله عليه وسلم-، فاجعلوا أمر توحيد العبادة غاية أمركم، خلصوه وصفوه من كل شوائب الشرك، وطهروه من البدع والخرافات، لتستقيم لكم العقيدة الصحيحة الصافية.
إن محمدا -صلى الله عليه وسلم- اهتم بأمر التوحيد في أول دعوته وفي آخرها، فنراه -صلى الله عليه وسلم- في آخر حياته، بل وهو يلفظ آخر نفس من حياته يقول: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد [1] » . لولا ذلك أبرز [1] صحيح البخاري الجنائز (1390) ، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (531) ، سنن النسائي المساجد (703) ، مسند أحمد (6/146) ، سنن الدارمي الصلاة (1403) .