بعدما صلى الظهر والعصر ووقف بعرفة أنزل عليه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [1] .
“ كمال هذا الدين في نظمه ومبادئه وتشريعاته “
أكمل الله هذا الدين، فليس فيه نقص يحتاج إلى إكمال، ولا قصور يحتاج إلى زيادة، دين كامل في نظمه ومبادئه، أخلاقا وعقيدة ومنهجا، أكمل الله الدين فنالت هذه الأمة شرفا وفضلا عظيما.
إن هذا اليوم يا عباد الله يوم يفرح به أهل الجنة، وهو يدعى في الجنة يوم المزيد، يجمع أهل الجنة في واد أفيح ينصب لهم منابر من لؤلؤ، ومنابر من ذهب، ومنابر من زبرجد، ومنابر من ياقوت، على كثبان من مسك، فيطلع الله عليهم، فينظرون إلى وجه ربهم عيانا، فما أعطي أهل الجنة نعيما أفضل من ذلك النعيم
إن هذا اليوم في عشيته ينزل ربكم إلى سماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، يقول: «انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبرا ضاحين من كل فج عميق، أشهدكم أني قد غفرت لهم [2] » وقال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ [3] »
“ نصيحة بالدعاء والإلحاح في هذا اليوم العظيم “
فيا أمة الإسلام، ويا حجاج بيت الله الحرام، الجئوا إلى الله في يومكم هذا، ومدوا أكف الضراعة إلى ذي الجلال والإكرام، وتوبوا إليه مما سلف من أقوالكم وأعمالكم، فإن ربكم يفتح باب التوبة للتائبين {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (4) [1] سورة المائدة الآية 3 [2] أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما، وسبق تخريجه في خطبة عام (1402) ، الهامش (15) '' [3] أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيه، وسبق تخريجه في خطبة عام (1404، الهامش (11)
(4) سورة الزمر الآية 53