[جميع الرسل دعوا إلى إفراد الله بالعبادة، وترك عبادة ما سواه]
وإن دعوة جميع الرسل دعوة واحدة إلى عبادة الله وحده لا شريك له وترك عبادة ما سواه، هذه طريقة أنبياء الله ورسله من لدن نوح إلى سيدهم وأعظمهم وأكملهم وأفضلهم محمد -صلى الله عليه وسلم- {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (1)
وهكذا دعوة الرسل جميعا إلى هذا الأصل العظيم، إلى إفراد الله بالعبادة، وأن لا يكون مع الله في عبادته غيره.
وانتهت الرسالة إلى سيد الأولين والآخرين محمد -صلى الله عليه وسلم-، فإن الله تعالى بعث محمدا -صلى الله عليه وسلم- بالهدي ودين الحق، بعثه بما بعث به إخوانه الأنبياء والمرسلين، بعثه ليدعو الخلق إلى عبادة الله ويحذرهم من الإشراك بالله، بعثه الله وجعل رسالته شاملة عامة لكل الخلق عربهم وعجمهم، إنسهم وجنهم، افترض على العباد جميعا طاعته واتباع شريعته والانقياد لها، بعثه الله على حين فترة من الرسل واندراس من العلم والهدى، بعثه وقد طبق الأرض جهل عظيم، وفساد كبير، اختفت أعلام الملة الحنيفية، وانحرف الناس عن فطرة الله، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب [2] » ... بعثه رب العالمين رحمة للعالمين، ليستنقذهم به مما أصابهم من الضلال والفساد، فكان الناس أحوج ما يكونون إليه صلوات الله وسلامه عليه.
بعثه الله برسالة شاملة إلى كل الخلق، واختار لمبعثه أم القرى مكة،
(1) سورة الأنبياء الآية 25 [2] جزء من حديث أخرجه مسلم في صحيحه 4 \ 2197، كتاب: الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة، ح (2865)