وبالتقوى يا عباد الله تتحقق المودة الثابتة التي لا تنفصم عراها {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} (1)
[الحكمة من خلق الجن والإنس هي عبادة الله وحده لا شريك له]
عباد الله، خلق الله الخلق لحكمة عظيمة ليعبدوه وحده لا شريك له {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [2] ، أرسل الله الرسل مبشرين ومنذرين ليردوا العباد إلى فطرة الله التي فطرهم عليها، بعد ما انحرف العباد عن فطرة الله، فالله -عز وجل- قد فطر الخلق على عبادته {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [3] ، فلما انحرف العباد عن هذه الفطرة أرسل الله الرسل ليردوا العباد إلى فطرة الله السليمة.
ذلكم يا عباد الله أن الخلق كانوا من لدن آدم -عليه السلام- إلى نوح يعبدون الله لا يشركون به شيئا، باقون على الفطرة التي فطرهم الله عليها، فلما انحرفوا عن فطرة الله وعبدوا غير الله وأشركوا مع الله غيره، بعث الله نوحا -عليه السلام- يدعو قومه إلى أن يعبدوا الله ولا يعبدوا معه غيره، قائلا لهم: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [4] ، فكذبه قومه ولم يستجب له إلا القليل، فأغرق الله من كذبه ونجى نوحا وأتباعه.
ثم تتابعت الرسل رسولا بعد رسول، ليقيموا الحجة على العباد، ولتنقطع معذرة العباد {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [5] .
(1) سورة الزخرف الآية 67 [2] سورة الذاريات الآية 56 [3] سورة الروم الآية 30 [4] سورة الأعراف الآية 59 [5] سورة النساء الآية 165