responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 32
وَذَكَرَ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَطَاءٍ. قَالَ: «دَخَلْتُ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَرَ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ لِعُبَيْدِ بْنِ عُمَرَ: قَدْ آنَ لَك أَنْ تَزُورَنَا؟ فَقَالَ أَقُولُ يَا أُمَّاهُ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ: زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا، فَقَالَتْ دَعُونَا مِنْ بَطَالَتِكُمْ هَذِهِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَخْبِرِينَا بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتِيهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ فَسَكَتَتْ ثُمَّ قَالَتْ: لَمَّا كَانَ لَيْلَةً مِنْ اللَّيَالِيِ قَالَ يَا عَائِشَةُ ذَرِينِي أَتَعَبَّدُ اللَّيْلَةَ لِرَبِّي. قُلْت وَاَللَّهِ إنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَك وَأُحِبُّ مَا يَسُرُّك، قَالَتْ: فَقَامَ فَتَطَهَّرَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، قَالَتْ فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ حِجْرَهُ، قَالَتْ: وَكَانَ جَالِسًا فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ، قَالَتْ ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ الْأَرْضَ، فَجَاءَ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ، فَلَمَّا رَآهُ يَبْكِي قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ تَبْكِي وَقَدْ غُفِرَ لَك مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِك وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟ لَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ آيَةٌ وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا. {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [البقرة: 164] الْآيَةَ كُلَّهَا» .

وَاعْلَمْ أَنَّ الْبُكَاءَ إمَّا مِنْ حُزْنٍ وَإِمَّا مِنْ وَجَعٍ، وَإِمَّا مِنْ فَزَعٍ وَإِمَّا مِنْ فَرَحٍ، وَإِمَّا شُكْرًا وَإِمَّا خَشْيَةً مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا هُوَ أَعْلَاهَا دَرَجَةً وَأَغْلَاهَا ثَمَنًا فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَأَمَّا الْبُكَاءُ لِلرِّيَاءِ وَالْكَذِبِ فَلَا يَزْدَادُ صَاحِبُهُ إلَّا طَرْدًا وَبُعْدًا وَمَقْتًا، وَحُقَّ لِمَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَا جَرَى لَهُ بِهِ الْقَلَمُ فِي سَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ سَعَادَةٍ مُؤَبَّدَةٍ أَوْ شَقَاوَةٍ مُخَلَّدَةٍ، وَهُوَ فِيمَا بَيْنَ هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ قَدْ رَكِبَ الْمُحَرَّمَاتِ وَخَالَفَ خَالِقَهُ فِي الْمَنْهِيَّاتِ أَنْ يُكْثِرَ بُكَاءَهُ وَأَسَفَهُ وَحُزْنَهُ وَنَحِيبَهُ وَلَهَفَهُ، وَأَنْ يَهْجُرَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَأَنْ يَجْأَرَ إلَى اللَّهِ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْهُ مِنْ سَوَابِقِ مُخَالَفَاتِهِ وَقَبَائِحِ شَهَوَاتِهِ، عَسَى أَنْ يُوَفِّقَهُ إلَى التَّوْبَةِ النَّصُوحِ وَأَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ وَالْعِصْيَانِ إلَى الْعِلْمِ وَالطَّاعَةِ وَمَا لَهُمَا مِنْ ثَمَرَاتِ الْمَعْرِفَةِ وَالْفُتُوحِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَقُّ النَّاسِ قُلُوبًا أَقَلُّهُمْ ذُنُوبًا.
وَفِي حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ: أَمْسِكْ عَلَيْك لِسَانَك وَلْيَسَعْك بَيْتُك وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِك» .
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِاَللَّهِ وَأَشَدُّكُمْ لَهُ خَشْيَةً» وَمِنْ ثَمَّ غَلَبَ الْخَوْفُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ، وَغَلَبَ أَمْنُ الْمَكْرِ عَلَى الظَّلَمَةِ الْأَطْغِيَاءِ وَالْفَرَاعِنَةِ الْأَغْبِيَاءِ وَالْجَهَلَةِ وَالْعَوَامِّ وَالرَّعَاعِ وَالطَّغَامِ، حَتَّى كَأَنَّهُمْ حُوسِبُوا وَفُرِغَ مِنْهُمْ فَلَمْ يَخْشَوْا

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 32
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست