responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 31
فَعُمْرُك قَصِيرٌ وَعَيْشُك حَقِيرٌ وَخَطَرُك كَبِيرٌ، آهٍ مِنْ قِلَّةِ الزَّادِ وَبُعْدِ السَّفَرِ وَوَحْشَةِ الطَّرِيقِ، فَذَرَفَتْ عُيُونُ مُعَاوِيَةَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا مَلَكَهَا وَهُوَ يُنَشِّفُهَا بِكُمِّهِ وَقَدْ اخْتَنَقَ الْقَوْمُ بِالْبُكَاءِ، قَالَ مُعَاوِيَةُ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا الْحَسَنِ، كَانَ وَاَللَّهِ كَذَلِكَ، فَكَيْفَ حُزْنُك عَلَيْهِ يَا ضِرَارُ؟ قَالَ: حُزْنُ مَنْ ذُبِحَ وَلَدُهَا فِي حِجْرِهَا فَلَا تَرْقَأُ عَبْرَتُهَا وَلَا يَسْكُنُ حُزْنُهَا. وَبَكَى ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - حَتَّى صَارَ كَأَنَّهُ الشَّنُّ الْبَالِي، وَبَكَى تِلْمِيذُهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ حَتَّى عَمِشَتْ عَيْنَاهُ.
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: قُلْت لِيَزِيدَ بْنِ مَرْثَدٍ: مَالِي أَرَى عَيْنَك لَا تَجِفُّ؟ قَالَ: وَمَا مَسْأَلَتُك عَنْهُ؟ فَقُلْت لَهُ: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ، قَالَ: يَا أَخِي إنَّ اللَّهَ قَدْ تَوَعَّدَنِي إنْ أَنَا عَصَيْتُهُ أَنْ يَسْجُنَنِي فِي النَّارِ، وَاَللَّهُ لَوْ لَمْ يَتَوَعَّدْنِي أَنْ يَسْجُنَنِي إلَّا فِي حَمَّامٍ لَكُنْت حَرِيًّا أَنْ لَا تَجِفَّ لِي عَيْنٌ، قَالَ: فَقُلْت لَهُ: فَهَكَذَا أَنْتَ فِي خَلَوَاتِك، قَالَ: وَمَا مَسْأَلَتُك عَنْهُ؟ قُلْت: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَنْفَعَنِي بِذَلِكَ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ إنَّ ذَلِكَ لَيَعْرِضُ لِي حِينَ أَسْكُنُ إلَى أَهْلِي: أَيْ لِإِرَادَةِ وَطْئِهَا، فَيَحُولُ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَ مَا أُرِيدُ، وَإِنَّهُ لَيُوضَعُ الطَّعَامُ بَيْنَ يَدَيَّ فَيَعْرِضُ لِي فَيَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ أَكْلِهِ حَتَّى تَبْكِيَ امْرَأَتِي وَيَبْكِيَ صِبْيَانُنَا لَا يَدْرُونَ مَا أَبْكَانَا، وَلَرُبَّمَا أَضْجَرَ ذَلِكَ امْرَأَتِي فَتَقُولُ: يَا وَيْحَهَا مَا خُصَّتْ بِهِ مِنْ طُولِ الْحُزْنِ مَعَك فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا تَقَرُّ لِي مَعَك عَيْنٌ. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ: اشْتَكَى ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَيْنَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الطَّبِيبُ: اضْمَنْ لِي خَصْلَةً تَبْرَأْ عَيْنُك، فَقَالَ وَمَا هِيَ؟ قَالَ: لَا تَبْكِ. قَالَ: وَأَيُّ خَيْرٍ فِي عَيْنٍ لَا تَبْكِي؟ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ: رَأَيْت يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ بِوَاسِطَ وَكَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ عَيْنَيْنِ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَكْفُوفَ الْبَصَرِ، فَقُلْت: يَا أَبَا خَالِدٍ مَا فَعَلَتْ الْعَيْنَانِ الْجَمِيلَتَانِ؟ قَالَ: ذَهَبَ بِهِمَا بُكَاءُ الْأَسْحَارِ.
وَدَخَلَ بَعْضُ أَصْحَابِ فَتْحٍ الْمَوْصِلِيِّ عَلَيْهِ فَرَآهُ يَبْكِي وَدُمُوعُهُ خَالَطَهَا صُفْرَةٌ، فَقَالَ: بَكَيْتَ الدَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: عَلَى مَاذَا؟ قَالَ: عَلَى تَخَلُّفِي عَنْ وَاجِبِ حَقِّ اللَّهِ، ثُمَّ رَآهُ فِي الْمَنَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَقَالَ لَهُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِك؟ قَالَ: غَفَرَ لِي، قَالَ: فَمَا صَنَعَ فِي دُمُوعِك؟ قَالَ: قَرَّبَنِي، فَقَالَ لِي: يَا فَتْحُ عَلَى مَاذَا بَكَيْتَ؟ قُلْت يَا رَبِّ عَلَى تَخَلُّفِي عَنْ وَاجِبِ حَقِّك، قَالَ فَالدَّمُ قُلْت خَوْفًا أَنْ لَا تَفْتَحَ لِي، فَقَالَ يَا فَتْحُ مَا أَرَدْتَ بِهَذَا كُلِّهِ، وَعِزَّتِي لَقَدْ صَعِدَ حَافِظَاك أَرْبَعِينَ سَنَةً بِصَحِيفَتِك مَا فِيهَا خَطِيئَةٌ.

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 31
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست