ومن ذا الذي ليس فيه شيء".1
وقال الطبري- رحمه الله-: "وأما من قال: لا يأمر بالمعروف إلا من ليست فيه وصمة فإن أراد الأولى فجيد، وإلا فيستلزم سد باب الأمر بالمعروف إذا لم يكن هناك غيره".2
وقال ابن حزم- رحمه الله-:"ولو لم ينه عن الشر إلا من ليس فيه شيء منه، ولا أمر بالمعروف إلا من استوعبه لما نهى أحد عن شر، ولا أمر أحد بخير بعد النبي- صلى الله عليه وسلم-".3
وقال النووي- رحمه الله-: "قال العلماء: لا يشترط في الآمر والناهي أن يكون كامل الحال، ممتثلا ما يأمر به، مجتنبا ما ينهى عنه.
بل عليه الأمر وإن كان مخلا بما يأمر به، وإن كان متلبسا بما ينهى عنه؛ فإنه يجب عليه شيئان: أن يأمر نفسه، وينهاها، وأن يأمر غيره وينهاه؛ فإذا أخل بأحدهما كيف يباح له الإخلال بالآخر؟ ".4
وقال شيخ محمد الأمين الشنقيطي- رحمه الله- بعد أن ساق بعض الآثار الواردة في ذم من يأمر بالمعروف ولا يفعله، وينهى عن المكر ويرتكبه: "واعلم أن التحقيق أن هذا الوعيد الشديد الذي ذكرنا من اندلاق الأمعاء في النار، وقرض الشفاه بمقاريض من النار ليس على الأمر بالمعروف، وإنما هو على ارتكاب المنكر عالما بذلك، ينصح الناس عليه؛ فالحق أتن الأمر غير ساقط عن صالح ولا طالح، والوعيد على المعصية لا على الأمر بالمعروف؛ لأنه في حد ذاته ليس فيه
1 - تفسير القرطبي 1/367.
2 - فتح الباري لابن حجر 13/53.
3 - الأخلاق والسير لابن حزم ص 92.
4 - شرح صحيح مسلم للنووي 2/23.