أدب الموعظة
...
الوعظ عمل جليل- كما مر- والناس بحاجة ماسة إليه, والقائمون بالوعظ بحاجة إلى ما يذكرهم بنبل غايتهم, والسبل المعينة لهم على القيام برسالتهم.
وقد مضى في المقدمة إجمال لآداب الموعظة, وفيما يلي تفصيلها.
1- التحلي بالتقوى وإخلاص النية: وذلك أمر يستمده الواعظ من قوة الإيمان بأن الله يعلم ما يسر الناس وما يعلنون, ومن علمه بأن الإخلاص عليه مدار العمل, ومن تيقنه بأن دعوته إلى فعل شيء هو تاركه أو إلى ترك شيء هو يفعله- لاتتجاوز الآذان إلى القلوب, بل قد تذهب كما يذهب الزبد جفاءا.
وقد أشار القرآن المجيد إلى أن داعي الناس إلى معروف لا يفعله جدير بالتوبيخ, قال- تعالى-: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة: آية 44] .
وقال- عز وجل-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: آية 2] .
والتقوى هي التي تجعل الواعظ مخلصا فيما يأمر به, أو ينهى عنه.
وللإخلاص أثر كبير في نجاح الموعظة, وانشراح الصدور للانتفاع بها على أي حال.
والتقوى الصادرة عن التفقه في الدين بحق هي التي تكسو الواعظ وقارا, وحسن سمت غير مصطنع, فتمتلىء القلوب بمهابته؛ فإذا ألقى موعظة ذهبت توا إلى القلوب، وأثمرت كلما طيبا، وعملا صالحا، وخلقا فاضلا.