responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 61
بِهِ آدَم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ثُمَّ وَجَدَهَا بَعْدَ الطُّوفَانِ إسْمَاعِيلُ - عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ - وَحَكَى ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ أَوَّلَ مَنْ كَتَبَ بِهَا وَوَضَعَهَا إسْمَاعِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى لَفْظِهِ وَمَنْطِقِهِ. وَحَكَى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ أَوَّلَ مَنْ كَتَبَ بِهَا قَوْمٌ مِنْ الْأَوَائِلِ أَسْمَاؤُهُمْ أَبْجَدُ، وَهَوَّزُ، وَحُطِّي، وَكَلَمُنْ، وَسَعْفَص، وَقَرْشَت، وَكَانُوا مُلُوكَ مَدْيَنَ.
وَحَكَى ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي الْمَعَارِفِ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ كَتَبَ بِالْعَرَبِيِّ مُرَامِرُ بْنُ مُرَّةَ مِنْ أَهْلِ الْأَنْبَارِ وَمِنْ الْأَنْبَارِ انْتَشَرَتْ. وَحَكَى الْمَدَائِنِيُّ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ كَتَبَ بِهَا مُرَامِرُ بْنُ مُرَّةَ، وَأَسْلَمُ بْنُ سَدْرَةَ وَعَامِرُ بْنُ حَدْرَةَ. فَمُرَامِرُ وَضَعَ الصُّوَرَ،، وَأَسْلَمُ فَصَّلَ وَوَصَلَ، وَعَامِرٌ وَضَعَ الْإِعْجَامَ.

وَلَمَّا كَانَ الْخَطُّ بِهَذَا الْحَالِ وَجَبَ عَلَى مَنْ أَرَادَ حِفْظَ الْعِلْمِ أَنْ يَعْبَأَ بِأَمْرَيْنِ: أَحَدِهِمَا: تَقْوِيمُ الْحُرُوفِ عَلَى أَشْكَالِهَا الْمَوْضُوعَةِ لَهَا. وَالثَّانِي: ضَبْطُ مَا اشْتَبَهَ مِنْهَا بِالنُّقَطِ وَالْأَشْكَالِ الْمُمَيَّزَةِ لَهَا.
ثُمَّ مَا زَادَ عَلَى هَذَيْنِ مِنْ تَحْسِينِ الْخَطِّ وَمَلَاحَةِ نَظْمِهِ فَإِنَّمَا هُوَ زِيَادَةُ حَذِقٍ بِصَنْعَتِهِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّتِهِ. وَقَدْ قَالَ عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدَةَ: حُسْنُ الْخَطِّ لِسَانُ الْيَدِ وَبَهْجَةُ الضَّمِيرِ. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ: رَدَاءَةُ الْخَطِّ زَمَانَةُ الْأَدَبِ. وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ: الْبَيَانُ فِي اللِّسَانِ وَالْخَطُّ فِي الْبَنَانِ.
وَأَنْشَدَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لِأَحَدِ شُعَرَاءِ الْبَصْرَةِ:
اُعْذُرْ أَخَاك عَلَى نَذَالَةِ خَطِّهِ ... وَاغْفِرْ نَذَالَتَهُ لِجَوْدَةِ ضَبْطِهِ
فَإِذَا أَبَانَ عَنْ الْمَعَانِي لَمْ يَكُنْ ... تَحْسِينُهُ إلَّا زِيَادَةَ شَرْطِهِ
وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْخَطَّ لَيْسَ يُرَادُ مِنْ ... تَرْكِيبِهِ إلَّا تَبَيُّنُ سِمْطِهِ
وَمَحَلُّ مَا زَادَ عَلَى الْخَطِّ الْمَفْهُومِ مِنْ تَصْحِيحِ الْحُرُوفِ وَحُسْنِ الصُّورَةِ مَحَلُّ مَا زَادَ عَلَى الْكَلَامِ الْمَفْهُومِ مِنْ فَصَاحَةِ الْأَلْفَاظِ وَصِحَّةِ الْإِعْرَابِ.
وَلِذَلِكَ قَالَتْ الْعَرَبُ: حُسْنُ الْخَطِّ أَحَدُ الْفَصَاحَتَيْنِ. وَكَمَا أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ مَنْ أَرَادَ التَّقَدُّمَ فِي الْكَلَامِ أَنْ يَطْرَحَ الْفَصَاحَةَ وَالْإِعْرَابَ وَإِنْ فَهِمَ، وَأَفْهَمَ. كَذَلِكَ لَا يُعْذَرُ مَنْ أَرَادَ التَّقَدُّمَ فِي الْخَطِّ أَنْ يَطْرَحَ تَصْحِيحَ الْحُرُوفِ وَتَحْسِينَ الصُّورَةِ، وَإِنْ فَهِمَ، وَأَفْهَمَ. وَرُبَّمَا تَقَدَّمَ بِالْخَطِّ مَنْ كَانَ الْخَطُّ مِنْ جُلِّ فَضَائِلِهِ، وَأَشْرَفِ خَصَائِلِهِ، حَتَّى صَارَ عَالِمًا مَشْهُورًا، وَسَيِّدًا مَذْكُورًا.
غَيْرَ

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست