responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 135
«السُّلْطَانُ ظِلُّ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ يَأْوِي إلَيْهِ كُلُّ مَظْلُومٍ» .
وَرُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ لَيَزَعُ بِالسُّلْطَانِ أَكْثَرَ مِمَّا يَزَعُ بِالْقُرْآنِ» . وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ لِلَّهِ حُرَّاسًا فِي السَّمَاءِ وَحُرَّاسًا فِي الْأَرْضِ، فَحُرَّاسُهُ فِي السَّمَاءِ الْمَلَائِكَةُ، وَحُرَّاسُهُ فِي الْأَرْضِ الَّذِينَ يَقْبِضُونَ أَرْزَاقَهُمْ يَذُبُّونَ عَنْ النَّاسِ» .
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «الْإِمَامُ الْجَائِرُ خَيْرٌ مِنْ الْفِتْنَةِ، وَكُلٌّ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَفِي بَعْضِ الشَّرِّ خَيْرٌ» . وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «سُبَّتْ الْعَجَمُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ: لَا تَسُبُّوهَا فَإِنَّهَا عَمَّرَتْ بِلَادَ اللَّهِ تَعَالَى فَعَاشَ فِيهَا عِبَادُ اللَّهِ تَعَالَى» . وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: السُّلْطَانُ فِي نَفْسِهِ إمَامٌ مَتْبُوعٌ، وَفِي سِيرَتِهِ دِينٌ مَشْرُوعٌ، فَإِنْ ظَلَمَ لَمْ يَعْدِلْ أَحَدٌ فِي حُكْمٍ، وَإِنْ عَدَلَ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ عَلَى ظُلْمٍ.
وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: إنَّ أَقْرَبَ الدَّعَوَاتِ مِنْ الْإِجَابَةِ دَعْوَةُ السُّلْطَانِ الصَّالِحِ، وَأَوْلَى الْحَسَنَاتِ بِالْأَجْرِ وَالثَّوَابِ أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ فِي وُجُوهِ الْمَصَالِحِ.
فَهَذِهِ آثَارُ السُّلْطَانِ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا وَمَا يَنْتَظِمُ بِهِ أُمُورُهَا. ثُمَّ لِمَا فِي السُّلْطَانِ مِنْ حِرَاسَةِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالذَّبِّ عَنْهُمَا وَدَفْعِ الْأَهْوَاءِ مِنْهُ، وَحِرَاسَةِ التَّبْدِيلِ فِيهِ، وَزَجْرِ مَنْ شَذَّ عَنْهُ بِارْتِدَادٍ، أَوْ بَغَى فِيهِ بِعِنَادٍ، أَوْ سَعَى فِيهِ بِفَسَادٍ. وَهَذِهِ أُمُورٌ إنْ لَمْ تَنْحَسِمْ عَنْ الدِّينِ بِسُلْطَانٍ قَوِيٍّ وَرِعَايَةٍ وَافِيَةٍ أَسْرَعَ فِيهِ تَبْدِيلُ ذَوِي الْأَهْوَاءِ، وَتَحْرِيفُ ذَوِي الْآرَاءِ، فَلَيْسَ دِينٌ زَالَ سُلْطَانُهُ إلَّا بُدِّلَتْ أَحْكَامُهُ، وَطُمِسَتْ أَعْلَامُهُ. وَكَانَ لِكُلِّ زَعِيمٍ فِيهِ بِدْعَةٌ، وَلِكُلِّ عَصْرٍ فِيهِ وِهَايَةُ أَثَرٍ.
كَمَا أَنَّ السُّلْطَانَ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى دِينٍ تَجْتَمِعُ بِهِ الْقُلُوبُ حَتَّى يَرَى أَهْلُهُ الطَّاعَةَ فِيهِ فَرْضًا، وَالتَّنَاصُرَ عَلَيْهِ حَتْمًا، لَمْ يَكُنْ لِلسُّلْطَانِ لُبْثٌ وَلَا لِأَيَّامِهِ صَفْوٌ، وَكَانَ سُلْطَانَ قَهْرٍ، وَمَفْسَدَةَ دَهْرٍ. وَمِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَجَبَ إقَامَةُ إمَامٍ يَكُونُ سُلْطَانَ الْوَقْتِ وَزَعِيمَ الْأُمَّةِ لِيَكُونَ الدِّينُ مَحْرُوسًا بِسُلْطَانِهِ، وَالسُّلْطَانُ جَارِيًا عَلَى سُنَنِ الدِّينِ وَأَحْكَامِهِ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَزِّ: الْمُلْكُ بِالدِّينِ يَبْقَى، وَالدِّينُ بِالْمُلْكِ يَقْوَى. وَاخْتَلَفَ النَّاسُ هَلْ وَجَبَ ذَلِكَ بِالْعَقْلِ أَوْ بِالشَّرْعِ. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ:

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 135
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست