responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 136
وَجَبَ بِالْعَقْلِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ حَالِ الْعُقَلَاءِ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ، الْفَزَعُ إلَى زَعِيمٍ مَنْدُوبٍ لِلنَّظَرِ فِي مَصَالِحِهِمْ. وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى وُجُوبِهِ بِالشَّرْعِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْإِمَامِ الْقِيَامُ بِأُمُورٍ شَرْعِيَّةٍ، كَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَاسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ، وَقَدْ كَانَ يَجُوزُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهَا بِأَنْ لَا يُرَادَ التَّعَبُّدُ بِهَا فَبِأَنْ يَجُوزَ الِاسْتِغْنَاءِ عَمَّا يُرَادُ إلَّا لَهَا أَوْلَى.
وَعَلَى هَذَا اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ بَعْثَةِ الْأَنْبِيَاءِ. فَمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ ذَلِكَ بِالْعَقْلِ، قَالَ بِوُجُوبِ بَعْثَةِ الْأَنْبِيَاءِ. وَمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ ذَلِكَ بِالشَّرْعِ، مَنَعَ مِنْ وُجُوبِ بَعْثَةِ الْأَنْبِيَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ بِبَعْثَتِهِمْ تَعْرِيفُ الْمَصَالِحِ الشَّرْعِيَّةِ، وَكَانَ يَجُوزُ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ أَنْ لَا تَكُونَ هَذِهِ الْأُمُورُ مُصْلِحَةً لَهُمْ، لَمْ يَجِبْ بَعْثَةُ الْأَنْبِيَاءِ إلَيْهِمْ.

فَأَمَّا إقَامَةُ إمَامَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ، وَبَلَدٍ وَاحِدٍ فَلَا يَجُوزُ إجْمَاعًا. فَأَمَّا فِي بُلْدَانَ شَتَّى وَأَمْصَارٍ مُتَبَاعِدَةٍ فَقَدْ ذَهَبَتْ طَائِفَةٌ شَاذَّةٌ إلَى جَوَازِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ مَنْدُوبٌ لِلْمَصَالِحِ. وَإِذَا كَانَ اثْنَيْنِ فِي بَلَدَيْنِ أَوْ نَاحِيَتَيْنِ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَقْوَمَ بِمَا فِي يَدَيْهِ، وَأَضْبَطَ لِمَا يَلِيهِ. وَلِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ بَعْثَةُ نَبِيَّيْنِ فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إلَى إبْطَالِ النُّبُوَّةِ، كَانَتْ الْإِمَامَةُ أَوْلَى وَلَا يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى إبْطَالِ الْإِمَامَةِ.
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ إقَامَةَ إمَامَيْنِ فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ شَرْعًا لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا بُويِعَ أَمِيرَانِ فَاقْتُلُوا أَحَدَهُمَا» . وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا وَلَّيْتُمْ أَبَا بَكْرٍ تَجِدُوهُ قَوِيًّا فِي دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ضَعِيفًا فِي بَدَنِهِ. وَإِذَا وَلَّيْتُمْ عُمَرَ تَجِدُوهُ قَوِيًّا فِي دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَوِيًّا فِي بَدَنِهِ، وَإِنْ وَلَّيْتُمْ عَلِيًّا تَجِدُوهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا» . فَبَيَّنَ بِظَاهِرِ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ إقَامَةَ جَمِيعِهِمْ فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ صَحَّ لَأَشَارَ إلَيْهِ، وَلَنَبَّهَ عَلَيْهِ.

وَاَلَّذِي يَلْزَمُ سُلْطَانَ الْأَمَةِ مِنْ أُمُورِهَا سَبْعَةُ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا: حِفْظُ الدِّينِ مِنْ تَبْدِيلٍ فِيهِ، وَالْحَثُّ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ مِنْ غَيْرِ إهْمَالٍ لَهُ. وَالثَّانِي: حِرَاسَةُ الْبَيْضَةِ وَالذَّبُّ عَنْ الْأُمَّةِ مِنْ عَدُوٍّ فِي الدِّينِ أَوْ بَاغِي نَفْسٍ أَوْ مَالٍ.

نام کتاب : أدب الدنيا والدين نویسنده : الماوردي    جلد : 1  صفحه : 136
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست