فهنا يعلم الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة ومن يأتي بعدهم عواقب الاختلاف ويحذرهم منه.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الصحابة رضوان الله عليهم أدبا هاما من آداب الاختلاف في قراءة القرآن خاصة، فيقول في الحديث الصحيح: «اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فاذا اختلفتم فيه فقوموا» [22] .
فيندبهم عليه الصلاة والسلام للقيام عن القرآن العظيم اذا اختلفوا في بعض احرف القراءة او في المعاني المرادة من الآيات الكريمة حتى تهدأ النفوس والقلوب والخواطر، وتنتفي دواعي الحدة في الجدال المؤدية الى المنازعة والشقاق، اما اذا ائتلفت القلوب وسيطرت الرغبة المخلصة في الفهم فعليهم ان يواصلوا القراءة والتدبر والتفكير في آيات الكتاب. ونرى كذلك أن القرآن الكريم كان احيانا يتولى التنبيه على «ادب الاختلاف» حين يقع بين الصحابة رضوان الله عليهم، فعن عبد الله بن الزبير قال: «كاد الخيّران ان يهلكا اب وبكر وعمر رضي الله عنهما.. رفعا اصواتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه ركب بني تميم فأشار احدهما بالاقرع بن حابس، وأشار الآخر بالقعقاع بن معبد بن زرارة، فقال أبو بكر لعمر: ما أردت الاّ خلافي، قال عمر: ما أردت خلافك، فارتفعت اصواتهما في ذلك، فأنزل الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا اصواتكم فوق صوت [22] اخرجه الشيخان وأحمد في السند، والنسائي على ما في الجامع الصغير (1/86) والفتح الكبير (1/218) .