نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 4 صفحه : 362
إلا الله رب العالمين وخالق السموات والأرضين ومكلف الجن والإنس والملائكة المقربين أن يعبدوه عبادة المخلصين فقال تَعَالَى {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ له الدين} فما لله إلا الدين الخالص المتين فإنه أغنى الأغنياء عن شركة المشاركين والصلاة على نبيه محمد سيد المرسلين وعلى جميع النبيين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين
أما بعد فقد انكشف لأرباب القلوب ببصيرة الإيمان وأنوار القرآن أن لا وصول إلى السعادة إلا بالعلم والعبادة فالناس كلهم هلكى إلا العالمون والعالمون كلهم هلكى إلا العاملون والعاملون كلهم هلكى إلا المخلصون والمخلصون على خطر عظيم
فالعمل بغير نية عناء والنية بغير إخلاص رياء وهو للنفاق كفاء ومع العصيان سواء والإخلاص من غير صدق وتحقيق هباء وقد قال الله تعالى في كل عمل كان بإرادة غير الله مشوباً مغموراً {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً} وليت شعري كيف يصحح نيته من لا يعرف حقيقة النية أو كيف يخلص من صحح النية إذا لم يعرف حقيقة الإخلاص أو كيف تطالب المخلص نفسه بالصدق إذا لم يتحقق معناه فالوظيفة الأولى على كل عبد أراد طاعة الله تعالى أن يتعلم النية أولاً لتحصل المعرفة ثم يصححها بالعمل بعد فهم حقيقة الصدق والإخلاص اللذين هما وسيلتنا العبد إلى النجاة والخلاص
ونحن نذكر معاني الصدق والإخلاص في ثلاثة أبواب
الباب الأول في حقيقة النية ومعناها
الباب الثاني في الإخلاص وحقائقه
والباب الثالث في الصدق وحقيقته الباب الأول في حقيقة النية ومعناها
وفيه
بيان فضيلة النية
وبيان حقيقة النية وبيان كون النية خيراً من العمل وبيان تفضيل الأعمال المتعلقة بالنفس وبيان خروج النية عن الاختيار بيان فَضِيلَةُ النِّيَّةِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} وَالْمُرَادُ بِتِلْكَ الْإِرَادَةِ هِيَ النِّيَّةُ
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه [1] وقال صلى الله عليه وسلم أكثر شهداء أمتي أصحاب الفرش ورب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته [2] وَقَالَ تَعَالَى {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بينهما} فجعل النية سبب التوفيق
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تعالى لا ينظر إلى صوركم وأموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم [3] وإنما نظر إلى القلوب لأنها مظنة النية وقال صلى الله عليه وسلم إن العبد ليعمل أعمالاً حسنة فتصعد الملائكة في صحف مختمة فتلقى بين يدي الله تعالى فيقول ألقوا هذه الصحيفة [1] حديث إنما الأعمال بالنيات الحديث متفق عليه من حديث عمر وقد تقدم [2] حديث أكثر شهداء أمتي أصحاب الفرش ورب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته أخرجه أحمد من حديث ابن مسعود وفيه عبد الله بن لهيعة [3] حديث إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم الحديث أخرجه مسلم من حديث أبى هريرة وقد تقدم
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 4 صفحه : 362