نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 3 صفحه : 357
لين الخلق كريم الطبيعة جميل المعاشرة طليق الوجه بسام من غير ضحك محزون من غير عبوس شَدِيدٌ فِي غَيْرِ عُنْفٍ مُتَوَاضِعٌ فِي غَيْرِ مذلة جواد من غير سرف رحيم لكل ذي قربى ومسلم رقيق القلب دائم الإطراق لم يبشم قط من شبع ولا يمد يده من طمع قال أبو سلمة فدخلت على عائشة رضي الله عنها فحدثتها بما قال أبو سعيد في زهد رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ ما أخطأ منه حرفاً ولقد قصر إذ ما أخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لَمْ يَمْتَلِئْ قَطُّ شِبَعًا وَلَمْ يَبُثَّ إِلَى أَحَدٍ شَكْوَى وَإِنْ كَانَتِ الْفَاقَةُ لَأَحَبَّ إِلَيْهِ من اليسار والغنى وإن كان ليظل جائعاً يلتوي ليلته حتى يصبح فما يمنعه ذلك عن صيام يومه ولو شاء أن يسأل ربه فيؤتى بكنوز الأرض وثمارها ورغد عيشها من مشارق الأرض ومغاربها لفعل وربما بكيت رحمة له مما أوتي من الجوع فأمسح بطنه بيدي وأقول نفسي لك الفداء لو تبلغت من الدنيا بقدر ما يقوتك ويمنعك من الجوع فيقول يا عائشة إخواني من أولي العزم من الرسل قد صبروا على ما هو أشد من هذا فمضوا على حالهم وقدموا على ربهم فأكرم مآبهم وأجزل ثوابهم فأجدني أستحيي إن ترفهت في معيشتي أن يقصر بي دونهم فأصبر أياماً يسيرة أحب إلي من أن ينقص حظي غداً في الآخرة وما من شيء أحب إلي من اللحوق بإخواني وأخلائي قالت عائشة رضي الله عنها فوالله ما استكمل بعد ذلك جمعة حتى قبضه الله عز وجل // حديث أبي سعيد الخدري وعائشة قال الخدري لأبي سلمة عالج في بيتك من الخدمة ما كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعالج في بيته كان يعلف الناضح الحديث وفيه قال أبو سلمة فدخلت على عائشة فحدثتها بذلك عن أبي سعيد فقالت ما أخطأ ولقد قصر أو ما أخبرك أنه لم يمتلئ قط شبعاً الحديث بطوله لم أقف له على إسناد
فما نقل من أحواله صلى الله عليه وسلم يجمع جملة أخلاق المتواضعين فمن طلب التواضع فليقتد به ومن رأى نفسه فوق محله صلى الله عليه وسلم ولم يرض لنفسه بما رضي هو به فَمَا أَشَدَّ جَهْلَهُ فَلَقَدْ كَانَ أَعْظَمَ خَلْقِ اللَّهِ مَنْصِبًا فِي الدُّنْيَا وَالدِّينِ فَلَا عِزَّ ولا رفعة إلا في الاقتداء به ولذلك قال عمر رضي الله عنه إنا قوم أعزنا الله بالإسلام فلن نطلب العز في غيره لما عوتب في بذاذة هيئته عند دخوله الشام
وقال أبو الدرداء اعلم أن لله عباداً يقال لهم الأبدال خلف من الأنبياء هم أوتاد الأرض فلما انقضت النبوة أبدل الله مكانهم قوماً من أمة محمد صلى الله عليه وسلم لم يفضلوا الناس بكثرة صوم ولا صلاة ولا حسن حلية ولكن بصدق الورع وحسن النية وسلامة الصدر لجميع المسلمين والنصيحة لهم ابتغاء مرضاة الله بصبر من غير تجبن وتواضع في غير مذلة وهم قوم اصطفاهم الله واستخلصهم لنفسه وهم أربعون صديقاً أو ثلاثون رجلاً قلوبهم على مثل يقين إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام لا يموت الرجل منهم حتى يكون الله قد أنشأ من يخلفه واعلم يا أخي أنهم لا يلعنون شيئاً ولا يؤذونه ولا يحقرونه ولا يتطاولون عليه ولا يحسدون أحداً ولا يحرصون على الدنيا هم أطيب الناس خيراً وألينهم عريكة وأسخاهم نفساً علامتهم السخاء وسجيتهم البشاشة وصفتهم السلامة ليسوا اليوم في خشية وغداً في غفلة ولكن مدامين على حالهم الظاهر وهم فيما بينهم وبين ربهم لا تدركهم الرياح العواصف ولا الخيل المجراة قلوبهم تصعد ارتياحاً إلى الله واشتياقاً إليه وقدماً في استباق الخيرات أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون قال الراوي فقلت يا أبا الدرداء ما سمعت بصفة أشد علي من تلك الصفة وكيف لي أن أبلغها فقال ما بينك وبين أن تكون في أوسعها إلا أن تكون تبغض الدنيا فإنك إذا بغضت الدنيا أقبلت على حب الآخرة وبقدر حبك للآخرة تزهد في الدنيا وبقدر ذلك تبصر ما ينفعك وإذا علم الله من عبد حسن الطلب أفرغ عليه السداد واكتنفه بالعصمة واعلم يا ابن أخي أن ذلك في كتاب الله تعالى المنزل إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون قال يحيى بن كثير فنظرنا
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 3 صفحه : 357