نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 2 صفحه : 272
ولا فرق بين حنجرة وحنجرة ولا بين جماد وحيوان
فينبغي أن يقاس على صوت العندليب الأصوات الخارجة من سائر الأجسام باختيار الآدمى كالذي يخرج من حلقه أو من القضيب والطبل والدف وغيره
ولا يستثنى من هذه إلا الملاهي والأوتار والمزامير التي ورد الشرع بالمنع منها [1] لا للذتها إذ لو كان للذة لقيس عليها كل ما يلتذ به الإنسان
ولكن حرمت الخمور واقتضت ضراوة الناس بها المبالغة في الفطام عنها حتى انتهى الأمر في الابتداء إلى كسر الدنان فحرم معها ما هو شعار أهل الشرب وهي الأوتار والمزامير فقط وكان تحريمها من قبل الأتباع كما حرمت الخلوة بالأجنبية لأنها مقدمة الجماع وحرم النظر إلى الفخذ لاتصاله بالسوأتين وحرم قليل الخمر وإن كان لا يسكر لأنه يدعو إلى السكر وما من حرام إلا وله حريم يطيف به وحكم الحرمة ينسحب على حريمه ليكون حمى للحرام ووقاية له وحظارا مانعاً حوله كما قال صلى الله عليه وسلم إن لكل ملك حمى وإن حمى الله محارمه [2] فهي محرمة تبعاً لتحريم الخمر لثلاث علل
إحداها أنها تدعو إلى شرب الخمر فإن اللذة الحاصلة بها إنما تتم بالخمر ولمثل هذه العلة حرم قليل الخمر
الثانية أنها في حق قريب العهد بشرب الخمر تذكر مجالس الأنس بالشرب فهي سبب الذكر والذكر سبب انبعاث الشوق وانبعاث الشوق إذا قوى فهو سبب الإقدام
ولهذه العلة نهى عن الانتباذ في المزفت والحنتم والنقير (3)
وهي الآواني التي كانت مخصوصة بها
فمعنى هذا أن مشاهدة صورتها تذكرها وهذه العلة تفارق الأولى إذ ليس فيها اعتبار لذة في الذكر إذ لا لذة في رؤية القنينة وأواني الشرب لكن من حيث التذكر بها فإن كان السماع يذكر الشرب تذكيراً يشوق إلى الخمر عند من ألف ذلك مع الشرب فهو منهى عن السماع لخصوص هذه العلة فيه
الثالثة الاجتماع عليها لما أن صار من عادة أهل الفسق فيمنع من التشبه بهم لأن من تشبه بقوم فهو منهم
وبهذه العلة نقول بترك السنة مهما صارت شعاراً لأهل البدعة خوفاً من التشبه بهم
وبهذه العلة يحرم ضرب الكوبة وهو طبل مستطيل دقيق الوسط واسع الطرفين وضربها عادة المخنثين ولولا ما فيه من التشبه لكان مثل طبل الحجيج والغزو وبهذه العلة نقول لو اجتمع جماعة وزينوا مجلساً وأحضروا آلات الشرب وأقداحه وصبوا فيها السكنجبين ونصبوا ساقياً يدور عليهم ويسقيهم فيأخذون من الساقي ويشربون ويحيي بعضهم بعضاً بكلماتهم المعتادة بينهم حرم ذلك عليهم وإن كان المشروب مباحاً في نفسه لأن في هذا تشبهاً بأهل الفساد بل لهذا ينهى عن لبس القباء وعن ترك الشعر على الرأس قزعاً في بلاد صار القباء فيها من لباس أهل الفساد ولا ينهى عن ذلك فيما وراء النهر لاعتياد أهل الصلاح ذلك فيهم
فبهذه المعاني حرم المزمار العراقي والأوتار كلها كالعود والصنج والرباب والبربط وغيرها
وما عدا ذلك فليس في معناها كشاهين الرعاة والحجيج وشاهين الطبالين وكالطبل والقضيب وكل آلة يستخرج منها صوت مستطاب موزون سوى ما يعتاده أهل الشرب لأن كل ذلك لا يتعلق بالخمر ولا يذكر بها ولا يشوق إليها ولا يوجب التشبه بأربابها [1] حديث المنع من الملاهي والأوتار والمزامير أخرجه البخاري من حديث أبي عامر أو أبي مالك الأشعري ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الخز والحرير والمعازف صورته عند البخاري صورة التعليق ولذلك ضعفه ابن حزم ووصله أبو داود والاسماعيلي والمعازف الملاهي قاله الجوهري ولأحمد من حديث أبي أمامة إن الله أمرني أن أمحق المزامير والكيارات يعني البرابط والمعازف وله من حديث قيس بن سعد بن عبادة إن ربي حرم علي الخمر والكوبة والقنين وله في حديث لأبي أمامة باستحلالهم الخمور وضربهم بالدفوف وكلها ضعيفة ولأبي الشيخ من حديث مرسلا الاستماع إلى الملاهي معصية الحديث ولأبي داود من حديث ابن عمر سمع مزمارا فوضع أصبعيه على أذنيه قال أبو داود وهو منكر [2] حديث إن لكل ملك حمى وإن حمى الله محارمه تقدم في
كتاب الحلال والحرام
(3) حديث النهي عن الحنتم والمزفت والنقير متفق عليه من حديث ابن عباس
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 2 صفحه : 272