responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 2  صفحه : 271
وفي مدركات تلك الحاسة ما يستلذ فلذة النظر في المبصرات الجميلة كالخضرة والماء الجاري والوجه الحسن وبالجملة سائر الألوان الجميلة وهي في مقابلة ما يكره من الألوان الكدرة القبيحة
وللشم الروائح الطيبة وهي في مقابلة الأنتان المستكرهة
وللذوق الطعوم اللذيذة كالدسومة والحلاوة والحموضة وهي في مقابلة المرارة المستبشعة
وللمس لذة اللين والنعومة والملاسة وهي في مقابلة الخشونة والضراسة
وللعقل لذة العلم والمعرفة وهي في مقابلة الجهل والبلادة
فكذلك الأصوات المدركة بالسمع تنقسم إلى مستلذة كصوت العنادل والمزامير ومستكرهة كنهيق الحمير وغيرها
فما أظهر قياس هذه الحاسة ولذتها على سائر الحواس ولذاتها
أما النص فيدل على إباحة سماع الصوت الحسن امتنان الله تعالى على عباده إذ قال {يزيد في الخلق ما يشاء} فقيل هو الصوت الحسن وفي الحديث ما بعث الله نبياً إلا حسن الصوت (1)
وقال صلى الله عليه وسلم لله أشد أذناً للرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة لقينته [2] وفي الحديث في معرض المدح لداود عليه السلام
أنه كان حسن الصوت في النياحة على نفسه وفي تلاوة الزبور حتى كان يجتمع الإنس والجن والوحوش والطير لسماع صوته وكان يحمل في مجلسه أربعمائة جنازة وما يقرب منها في الأوقات (3)
وقال صلى الله عليه وسلم في مدح أبي موسى الأشعري لقد أعطى مزماراً من مزامير آل داود (4)
وقول الله تعالى {إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} يدل بمفهومه على مدح الصوت الحسن
ولو جاز أن يقال إنما أبيح ذلك بشرط أن يكون في القرآن للزمه أن يحرم سماع صوت العندليب لأنه ليس من القرآن
وإذا جاز سماع صوت غفل لا معنى له فلم لا يجوز سماع صوت يفهم منه الحكمة والمعاني الصحيحة وإن من الشعر لحكمة
فهذا نظر في الصوت من حيث أنه طيب حسن
الدرجة الثانية النظر في الصوت الطيب الموزون فإن الوزن وراء الحسن فكم من صوت حسن خارج عن الوزن وكم من صوت موزون غير مستطاب
والأصوات الموزونه باعتبار مخارجها ثلاثة فإنها إما أن تخرج من جماد كصوت المزامير والأوتار وضرب القضيب والطبل وغيره وإما أن تخرج من حنجرة حيوان وذلك الحيوان إما إنسان أو غيره كصوت العنادل والقمارى وذات السجع من الطيور فهي مع طيبها موزونة متناسبة المطالع والمقاطع فلذلك يستلذ سماعها
والأصل في الأصوات حناجر الحيوانات وإنما وضعت المزامير على أصوات الحناجر وهو تشبيه للصنعة بالخلقة
وما من شيء توصل أهل الصناعات بصناعتهم إلى تصويره إلا وله مثال في الخلقة التي استأثر الله تعالى باختراعها فمنه تعلم الصناع وبه قصدوا الإقتداء وشرح ذلك يطول
فسماع هذه الأصوات يستحيل أن يحرم لكونها طيبة أو موزونة فلا ذاهب إلى تحريم صوت العندليب وسائر الطيور

(1) حديث ما بعث الله نبياً إلا حسن الصوت أخرجه الترمذي في الشمائل عن قتادة وزاد قوله وكان نبيكم حسن الوجه حسن الصوت ورويناه متصلا في الغيلانيات من رواية قتادة عن أنس والصواب الأول قاله الدارقطني ورواه ابن مردويه في التفسير من حديث علي بن أبي طالب وطرقه كلها ضعيفة
[2] حديث لله أشد أذنا للرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته تقدم في
كتاب تلاوة القرآن
(3) حديث كان داود حسن الصوت في النياحة على نفسه وفي تلاوة الزبور الحديث لم أجد له أصلا
(4) حديث لقد أوتى مزماراً من مزامير آل داود قاله في مدح أبي موسى تقدم في تلاوة القرآن
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 2  صفحه : 271
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست