responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 2  صفحه : 161
أعوذ بك أن أحب فيك وأنت لي مبغض
ودخل رجل على داود الطائي فقال له ما حاجتك فقال زيارتك فقال أما أنت فقد عملت خيراً حين زرت ولكن انظر ماذا ينزل بي أنا إذا قيل لي من أنت فتزار أمن الزهاد أنت لا والله أمن العباد أنت لا والله أمن الصالحين أنت لا والله
ثم أقبل يوبخ نفسه ويقول كنت في الشبيبة فاسقاً فلما شخت صرت مرائياً والله للمرائي شر من الفاسق وقال عمر رضي الله عنه إذا أصاب أحدكم وداً من أخيه فليتمسك به فقلما يصيب ذلك
وقال مجاهد المتحابون في الله إذا التقوا فكشر بعضهم إلى بعض تتحات عنهم الخطايا كما يتحات ورق الشجر في الشتاء إذا يبس
وقال الفضيل نَظَرُ الرَّجُلِ إِلَى وَجْهِ أَخِيهِ عَلَى الْمَوَدَّةِ والرحمة عبادة
بيان معنى الأخوة في الله وتمييزها من الأخوة في الدنيا

اعلم أن الحب في الله والبغض في الله غامض وينكشف الغطاء عنه نما نذكره وهو أن الصحبة تنقسم إلى ما يقع بالاتفاق كالصحبة بسبب الجوار أو بسبب الاجتماع في المكتب أو في المدرسة أو في السوق أو على باب السلطان أو في الأسفار وإلى ما ينشأ اختياراً ويقصد وهو الذي نريد بيانه إذ الأخوة في الدين واقعة في هذا القسم لا محالة إذ لا ثواب إلا على الأفعال الاختيارية ولا ترغيب إلا فيها
والصحبة عبارة عن المجالسة والمجاورة
وهذه الأمور لا يقصد الإنسان بها غيره إلا إذا أحبه فإن غير المحبوب يجتنب ويباعد ولا تقصد مخالطته والذي يحب فإما أن يحب لذاته لا ليتوصل به إلى محبوب ومقصود وراءه وإما أن يحب للتوصل به إلى مقصود وذلك المقصود إما أن يكون مقصوراً على الدنيا وحظوظها وإما أن يكون متعلقاً بالآخرة وإما أن يكون متعلقاً بالله تعالى فهذه أربعة أقسام
أما القسم الأول وهو حبك الإنسان لذاته فذلك ممكن وهو أن يكون في ذاته محبوباً عندك على معنى أنك تلتذ برؤيته ومعرفته ومشاهدة أخلاقه لاستحسانك له فإن كل جميل لذيذ في حق من أدرك جماله وكل لذيذ محبوب
واللذة تتبع الاستحسان والاستحسان يتبع المناسبة والملاءمة والموافقة بين الطباع ثم ذلك المستحسن إما أن يكون هو الصورة الظاهرة أعني حسن الخلقة وإما أن يكون هو الصورة الباطنة أعني كمال العقل وحسن الأخلاق ويتبع حسن الأخلاق حسن الأفعال لا محالة ويتبع كمال العقل غزارة العلم وكل ذلك مستحسن عند الطبع السليم والعقل المستقيم وكل مستحسن فمستلذ به ومحبوب بل في ائتلاف القلوب أمر أغمض من هذا فإنه قد تستحكم المودة بين شخصين من غير ملاحة في صورة ولا حسن في خلق وخلق ولكن لمناسبة توجب الألفة والموافقة فإن شبه الشيء ينجذب إليه بالطبع والأشياء الباطنة خفية ولها أسباب دقيقة ليس في قوة البشر الاطلاع عليها عبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك حيث قال الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف (1)
فالتناكر نتيجة التباين والائتلاف نتيجة التناسب الذي عبر عنه بالتعارف
وفي بعض الألفاظ الأرواح جنود مجندة تلتقي فتتشام في الهواء (2)
وقد كنى بعض العلماء عن هذا بأن قال أن الله تعالى خلق الأرواح ففلق بعضها فلقاً وأطافها حول العرش فأي روحين من فلقتين تعارفا هناك فالتقيا تواصلا في الدنيا
وقال صلى الله عليه وسلم إن أرواح المؤمنين ليلتقيان على مسيرة يوم وما رأى أحدهما صاحبه قط (3)
وروي أن امرأة بمكة كانت تضحك

(1) حديث الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة والبخاري تعليقا من حديث عائشة
(2) حديث الأرواح تلتقي فتتشام في الهواء أخرجه الطبراني في الأوسط بسند ضعيف من حديث علي إن الأرواح في الهواء جند مجندة تلتقي فتتشام الحديث
(3) حديث إن أرواح المؤمنين ليلتقيان على مسيرة يوم وما رأى أحدهما صاحبه قط أخرجه احمد من حديث عبد الله بن عمرو بلفظ نلتقي وقال أحدهم وفيه ابن لهيعة عن دراج
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 2  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست