responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 68
ترك ذلك خير من الدخول فيه وأفتى بأنه مباح وقد صدق فيهما جميعاً ومثل مالك في منصبه إذا سمحت نفسه بالإنصاف والاعتراف في مثل هذه النصيحة فتقوى أيضاً نفسه على الوقوف على حدود المباح حتى لا يحمله ذلك على المراءاة والمداهنة والتجاوز إلى المكروهات وأما غيره فلا يقدر عليه فالتعريج على التنعم بالمباح خطر عظيم وهو بعيد من الخوف والخشية وخاصية علماء الله تعالى الخشية وخاصية الخشية التباعد من مظان الخطر
ومنها أن يكون مستقصيا عن السلاطين فلا يدخل عليهم ألبتة ما دام يجد إلى الفرار عنهم سبيلاً بل ينبغي أن يحترز عن مخالطتهم وإن جاءوا إليه فإن الدنيا حلوة خضرة وزمامها بأيدي السلاطين
والمخالط لا يخلو عن تكلف في طيب مرضاتهم واستمالة قلوبهم مع أنهم ظلمة
ويجب على كل متدين الإنكار عليهم وتضييق صدرهم بإظهار ظلمهم وتقبيح فعلهم فالداخل عليهم إما أن يلتفت إلى تجملهم فيزدري نعمة الله عليه أو يسكت عن الإنكار عليهم فيكون مداهناً لهم أو يتكلف في كلامه كلاماً لمرضاتهم وتحسين حالهم وذلك هو البهت الصريح أو أن يطمع في أن ينال من دنياهم وذلك هو السحت وسيأتي في كتاب الحلال والحرام ما يجوز أن يؤخذ من أموال السلاطين وما لا يجوز من الإدرار والجوائز وغيرها
وعلى الجملة فمخالطتهم مفتاح للشرور وعلماء الآخرة طريقهم الاحتياط
وقال صلى الله عليه وسلم من بدا جفا يعني من سكن البادية جفا ومن اتبع الصيد غفل ومن أتى السلطان افتتن [1] وقال صلى الله عليه وسلم سيكون عليكم أمراء تعرفون منهم وتنكرون فمن أنكر فقد برىء ومن كره فقد سلم ولكن من رضي وتابع أبعده الله تعالى قيل أفلا نقاتلهم قال صلى الله عليه وسلم لا ما صلوا [2] وقال سفيان في جهنم واد لا يسكنه إلا القراء الزائرون للملوك
وقال حذيفة إياك ومواقف الفتن قيل وما هي قال أبواب الأمراء يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب ويقول فيه ما ليس فيه
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العلماء أمناء الرسل على عباد الله تعالى ما لم يخالطوا السلاطين فإذا فعلوا ذلك فقد خانوا الرسل فاحذروهم واعتزلوهم [3] رواه أنس
وقيل للأعمش ولقد أحييت العلم لكثرة من يأخذه عنك فقال لا تعجلوا ثلث يموتون قبل الإدراك وثلث يلزمون أبواب السلاطين فهم شر الخلق والثلث الباقي لا يفلح منه إلا القليل ولذلك قال سعيد ابن المسيب رحمه الله إذا رأيتم العالم يغشى الأمراء فاحترزوا منه فإنه لص
وقال الأوزاعي ما من شيء أبغض إلى الله تعالى من عالم يزور عاملاً
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شرار العلماء الذين يأتون الأمراء وخيار الأمراء الذين يأتون العلماء [4] وقال مكحول الدمشقي رحمه الله من تعلم القرآن وتفقه في الدين ثم صحب السلطان تملقاً إليه وطمعاً فيما لديه خاض في بحر من نار جهنم بعدد خطاه
وقال سمنون ما أسمج بالعالم أن يؤتى إلى مجلسه فلا يوجد فيسئل عنه فيقال هو عند الأمير قال وكنت أسمع أنه يقال إذا رأيتم العالم يحب الدنيا فاتهموه على دينكم حتى جربت ذلك إذ ما دخلت قط على هذا السلطان إلا وحاسبت نفسي بعد الخروج فأرى عليها الدرك وأنتم ترون ما ألقاه به من الغلظة والفظاظة وكثرة المخالفة لهواه ولوددت أن أنجو من الدخول عليه كفافاً مع أني لا أخذ منه شيئاً ولا أشرب له شربة ماء
ثم قال وعلماء زماننا شر من علماء بني إسرائيل يخبرون السلطان بالرخص وبما يوافق

[1] حديث من بدا جفا الحديث أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي من حديث ابن عباس
[2] حديث سيكون عليكم أمراء تعرفون منهم وتنكرون الحديث أخرجه مسلم من حديث أم سلمة
[3] حديث أنس العلماء أمناء الرسل على عباد الله الحديث أخرجه العقيلي في الضعفاء وذكره ابن الجوزي في الموضوعات
[4] حديث شرار العلماء الذين يأتون الأمراء وخيار الأمراء الذين يأتون العلماء أخرجه ابن ماجه بالشطر الأول نحوه من حديث أبي هريرة بسند ضعيف
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 68
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست