responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 67
أنه قصد ذلك دون التعلم فدخل منزله فلم يخرج إلى الناس أربعين يوماً فلما دخل حاتم بغداد اجتمع إليه أهل بغداد فقالوا يا أبا عبد الرحمن أنت رجل ولكن أعجمي وليس يكلمك أحد إلا قطعته قال معي ثلاث خصال أظهر بهن على خصمي أفرح إذا أصاب خصمي وأحزن إذا أخطأ وأحفظ نفسي أن لا أجهل عليه
فبلغ ذلك الإمام أحمد بن حنبل فقال سبحان الله ما أعقله قوموا بنا إليه
فلما دخلوا عليه قال له يا أبا عبد الرحمن ما السلامة من الدنيا قال يا أبا عبد الله لا تسلم من الدنيا حتى يكون معك أربع خصال تغفر للقوم جهلهم وتمنع جهلك منهم وتبذل لهم شيئك وتكون من شيئهم آيساً فإذا كنت هكذا سلمت ثم سار إلى المدينة فاستقبله أهل المدينة فقال يا قوم أية مدينة هذه قالوا مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال فأين قصر رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أصلي فيه قالوا ما كان له قصر إنما كان له بيت لاطىء بالأرض قال فأين قصور أصحابه رضي الله عنهم قالوا ما كان لهم قصور إنما كان لهم بيوت لاطئة بالأرض قال حاتم يا قوم فهذه مدينة فرعون فأخذوه وذهبوا به إلى السلطان وقالوا هذا العجمي يقول هذه مدينة فرعون قال الوالي ولم ذلك قال حاتم لا تعجل علي أنا رجل أعجمي غريب دخلت البلد فقلت مدينة من هذه فقالوا مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت فأين قصر وقص القصة ثم قال وقد قال الله تعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة فأنتم بمن تأسيتم أبرسول الله صلى الله عليه وسلم أم بفرعون أول من بنى بالجص والآجر فخلوا عنه وتركوه
فهذه حكاية حاتم الأصم رحمه الله تعالى
وسيأتي من سيرة السلف في البذاذة وترك التجمل ما يشهد لذلك في مواضعه والتحقيق فيه أن التزين بالمباح ليس بحرام ولكن الخوض فيه يوجب الأنس به حتى يشق تركه واستدامة الزينة لا تمكن إلا بمباشرة أسباب في الغالب يلزم من مراعاتها ارتكاب المعاصي من المداهنة ومراعاة الخلق ومراءاتهم وأمور أخر هي محظورة والحزم اجتناب ذلك لأن من خاض في الدنيا لا يسلم منها ألبتة ولو كانت السلامة مبذولة مع الخوض فيها لكان صلى الله عليه وسلم لا يبالغ في ترك الدنيا حتى نزع القميص المطرز بالعلم [1] ونزع خاتم الذهب في أثناء الخطبة [2] إلى غير ذلك مما سيأتي بيانه
وقد حكي أن يحيى بن يزيد النوفلي كتب إلى مالك ابن أنس رضي الله عنهما بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على رسوله محمد في الأولين والآخرين من يحيى ابن يزيد بن عبد الملك إلى مالك بن أنس أما بعد فقد بلغني أنك تليس الدقاق وتأكل الرقاق وتجلس على الوطىء وتجعل على بابك حاجباً وقد جلست مجلس العلم وقد ضربت إليك المطى وارتحل إليكالناس واتخذوك إماماً ورضوا بقولك فاتق الله تعالى يا مالك وعليك بالتواضع كتبت إليك بالنصيحة مني كتاباً ما اطلع عليه غير الله سبحانه وتعالى والسلام فكتب إليه مالك بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم من مالك بن أنس إلى يحيى بن يزيد سلام الله عليك أما بعد فقد وصل إلي كتابك فوقع مني موقع النصيحة والشفقة والأدب أمتعك الله بالتقوى وجزاك بالنصيحة خيراً وأسأل الله تعالى التوفيق ولا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ فأما ما ذكرت لي أني آكل الرقاق وألبس الدقاق وأحتجب وأجلس على الوطىء فنحن نفعل ذلك ونستغفر الله تعالى فقد قال الله تعالى {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق} وإني لأعلم أن ترك ذلك خير من الدخول فيه ولا تدعنا من كتابك فلسنا ندعك من كتابنا والسلام فانظر إلى إنصاف مالك إذ اعترف أن

[1] حديث نزع القميص المعلم متفق عليه من حديث عائشة
[2] حديث نزع الخاتم الذهب في أثناء الخطبة متفق عليه من حديث ابن عمر
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 1  صفحه : 67
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست